مِنْ ذُنُوبِكُمْ)».
ويمكن القول بصورة عامة إنّ الزمخشري يتبنى النحو البصري ويعتمده في مفصله ، ولا يورد آراء النحويين الكوفيين إلا لتسفيهها أو نقدها. يبدو هذا في قوله مثلا بصدد ليت : «ليت هي للتمني كقوله تعالى : (يا لَيْتَنا نُرَدُّ). ويجوز عند الفراء (١) أن تجري مجرى أتمنى فيقال : ليت زيدا قائما ، كما يقال أتمنى زيدا قائما. والكسائي يجيز ذلك على إضمار كأن. والذي غرهما منها قول الشاعر : يا ليت أيام الصبا رواجعا». وقد ذكرت ما هو عليه عند البصريين». ولم يخرج عن هذا المنهج إلا نادرا ، فتسمعه يقول بصدد حرف التعليل كي «... واختلف في إعرابها ، فهي عند البصريين مجرورة وعند الكوفيين منصوبة بفعل مضمر ، كأنك قلت : كي تفعل ما ذا. وما أرى هذا القول بعيدا عن الصواب».
غير أن خاصة الشمول التي يمتاز بها الكتاب يشوبها عيبان : نقص في بعض المسائل ، وتجاوز للحد في مسائل أخرى. فمن المسائل التي لم يستوف البحث فيها اسم المفعول واسم الآلة والفعل الماضي ، وحروف الإستثناء ، ونائب الفاعل. ومن المسائل التي جاوز فيها حد التقعيد ذكر اللغات المختلفة في المسألة الواحدة. فهو عند ما يتحدث عن الوقف في الكلمات المعتلة الآخر وما قبله ساكن يقول إنّ حكمه حكم الصحيح ،
__________________
(١) هو يحيى بن زياد بن عبد الله الديلمي (١٤٤ ـ ٢٠٧ ه) امام الكوفيين واعلمهم باللغة والنحو. ولد في الكوفة وانتقل الى بغداد ، وتولى تربية ولدي المأمون فيها وتوفي في طريق مكة وكان مع نبوغه في اللغة والنحو فقيها متكلما ينزع الى الاعتزال. اهم كتبه : الممدود والمقصور ، ومعاني القرآن ، واللغات ، وما تلحن به العامة.