حذف المضاف :
وإذا أمنوا الألباس حذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه وأعربوه بإعرابه. والعلم فيه قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) لأنه لا يلبس أن المسؤول
__________________
وأصبحت بعد خط بهجتها |
|
كأن قعرا رسومها قلما |
والتقدير بعد بهجتها. وبأنه قد سمع من العرب هذا غلام والله زيد وان الشاة لتجتر فتسمع صوت والله ربها قالوا فإذا جاء هذا في منثور الكلام ففي الشعر أولى. والبصريون منعوا هذا وقالوا إن المتضايفين في قوة شيء واحد فلا يجوز الفصل بينهما الا أن العرب توسعت في الظروف والجار والمجرور ما لم تتوسع في غيرها. وأجابوا عن الشواهد الشعرية بأنها لم يعرف لها قائل فلا يصح الاحتجاج بها. فربما كان قائلها ممن لا يحتج بكلامه سيما وان بعضهم ذكر ان قوله (فزججتها بمزجة) البيت لبعض المولدين من المدنيين وعن المنثور بأن الفصل انما جاء في اليمين والايمان انما تدخل في كلامهم للتأكيد فكأنهم لما جازوا بها موضعها استدركوا ذلك بوضع اليمين حيث أدركوا من الكلام. ولهذا لم يجىء الفصل بغير اليمين في منثور الكلام. بقي أن ابن عامر أحد القراء السبعة قرأ (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم) بنصب أولادهم وجر شركائهم. وهي تصلح حجة للكوفيين فانه قد فصل فيها بين المتضايفين بالمفعول. فأجاب البصريون عن ذلك بأنه قد وقع الاجماع على امتناع الفصل في منثور الكلام بالمفعول. وإذا كان كذلك سقط الاحتجاج في الاضطرار.
قالوا وقراءة ابن عامر وهم منه وانما دعاه إلى ذلك انه وجد في مصحف أهل الشام شركائهم مكتوبا بالياء. ولا وجه لاثبات الياء إلا جر شركائهم فظن انه قد جر باضافة قتل اليه وليس كذلك. وانما جر على البدل من أولادهم. فان أولاد الناس شركاء آبائهم في أحوالهم وأموالهم. فأما قراءة ابن عامر فلا وجه لها في القياس وفي مصاحف أهل العراق والحجاز شركاؤهم بالواو فكان ذلك دليلا على صحة ما ذهبنا اليه. وقد وقع كثير من العلماء كالفراء واين الانباري وأبي عبيدة والزمخشري وغيرهم في ابن عامر ، وتكلموا فيه رضي الله عنه بما لا يليق سيما الزمخشري فلقد كان عفا الله عنه أشدهم وطأة عليه فقد قال وأما قراءة ابن عامر فشيء لو كان في مكان الضرورة لكان سمجا مردودا كما سمج ورد (زج القلوص أبي مزادة) فكيف به في الكلام المنثور فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته. والذي حمله على ذلك أنه رأى في بعض المصاحف شركائهم مكتوبا بالياء ولو قرأ بجر الأولاد والشركاء لأن الأولاد شركاؤهم في أموالهم لوجد في ذلك مندوحة من هذا الارتكاب اه وكل هذا لا وجه له فان ابن عامر لم يعتمد في قراءته على ما رآه في بعض المصاحف من كتابة شركائهم بالياء كما زعموا لأن هذا وان صح الاعتماد عليه في جر شركائهم الا انه لا يصح الاعتماد عليه