العلوم الإسلامية من فقه وكلام وتفسير وأخبار تفتقر إلى العربية «ومن يجترىء على تعاطي تأويل القرآن بدون تحصيل الأعراب ركب عمياء ، وخبط خبط عشواء ، وقال ما هو تقول وافتراء وهراء ، وكلام الله منه براء».
بهذا الكلام خاطب أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الشعوبيين الذين استشرى أمرهم في زمنه ووطنه حتى نادوا بعدم تعلم اللغة العربية أو تعليمها. وأعلن أنه براء منهم وأنه على العكس متعصب للعرب ولغتهم ، فخور بأنه أحد علماء العربية. وقد نسب إلى مسقط رأسه زمخشر حيث أبصر النور سنة ٤٦٧ ه ١٠٧٥ م. وقام بعدة أسفار في طلب العلم وأخذ عن أبي مضر محمود بن جرير الطبي الأصبهاني وغيره. ووقع في أحد أسفاره عن الدابة وهو ذاهب إلى بخارى فقطعت رجله ، وقيل إنّ قطعها كان بسبب البرد الشديد ، أو بسبب دعاء أمه عليه عند ما رأته يربط عصفورا بخيط ويقطع قائمته. واضطر إلى أن يتخذ رجلا من خشب.
وحج إلى مكة حيث جاور مدة من الزمن فلقب بجار الله. وكان معتزلي المذهب مجاهرا بذلك حتى إنه كتب في مقدمة كتاب الكشاف في تفسير القرآن : الحمد لله الذي خلق القرآن. فقيل له : لن يقرأه أحد ، فغير الجملة بقوله : الحمد لله الذي جعل القرآن. وله عدا الكشاف والمفصل كتب عديدة في النحو والبلاغة والأدب والحكم وأصول الدين وفروعه (١).
__________________
(١) راجع حول ترجمة المؤلف وكتبه : ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، ج ٧ ، ص ١٤٧ ـ ١٥١ ، طبعة مرجليوث ، القاهرة.
ـ ابن خلكان ، وفيات الاعيان ، ج ٥ ، ١٦٨ ـ ١٧٤ ، طبعة دار الثقافة ، بيروت.
بروكلمان ، تاريخ الأدب العربي ، ج ٥ ، دار المعارف ، القاهرة.