وقال :
ولي نفس أقول لها إذا ما |
|
تنازعني لعلي أو عساني (١) |
واختلف في ذلك : فمذهب سيبويه وقد حكاه عن الخليل ويونس أن
__________________
صدر لبيت آخر من أرجوزة أخرى لرؤبة يمدح بها الحارث ابن سليم وهو :
تقول بنتي قد أنى أناكا |
|
فاستعزم الله ودع عساكا |
أي حان ارتحالك في سفر تطلب فيه الرزق فاطلب من الله أن يثبت عزمك على الرحيل ودع عنك قول عسى أن لا أحصل من هذا السفر شيئا. الوجه الثاني أن قولهم (يا أبتا) تصحيف وانما هو (تأنيا علك أو عساكا) وصدر هذا البيت (تصغير أيدي العرس المداكا). وهو من أرجوزة لرؤبة أيضا يمدح بها إبراهيم بن عربي هذا ما نقل عن ابن الاعرابي والله أعلم بصواب ذلك.
اللغة انى بمعنى حان وقرب والإنى بكسر الهمزة والقصر الوقت كما في قوله تعالى (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) وذكر السيوطي في شرح شواهد المغني أنه بفتح الهمزة قال وأصله أناءك وهو اسم من فعل انى.
الاعراب تقول فعل مضارع. وبنتي فاعله. وقد حرف تحقيق. وانى فعل ماض. وأناك فاعله. والجملة في محل نصب مقول القول. وقوله يا أبتا يا حرف نداء وأبتا منادى مضاف. وقوله علك علّ حرف توكيد ونصب والكاف اسمها. وخبرها محذوف تقديره تظفر ببغيتك في سفرك هذا. وقوله أو عساكا فيه الأقوال الثلاثة. فمذهب سيبويه أن الكاف منصوبة لا مجرورة والا لقال عساي تنزيلا لها منزلة لعل فان قيل إذا كانت بمنزلة لعل اقتضت مرفوعا لأن المنصوب لا يكون بدون مرفوع. قيل إن مرفوعها محذوف وليس هو عمدة كالفاعل حتى يمتنع حذفه لأنها لما شبهت بلعل جاز أن يحذف مرفوعها كما جاز أن يحذف مرفوع لعل واخواتها لأن الأصل في معموليها المبتدأ والخبر وحذف اخبار المبتدآت لا حجر فيه. ومذهب المبرد أن الكاف مفعول مقدم والفاعل مضمر كأنه قال عساك الخير والشر. المذهب الثالث الذي حكاه المصنف عن الأخفش وهو أن الضمير بعدها للرفع كما تقدم شرحه في الشاهد السابق. والشاهد والمعنى ظاهران.
(١) البيت لعمران بن حطان الخارجي من قصيدة يمدح بها الخوارج ويزعم أنهم أهل الحق وهو من رؤوس الخوارج وفضلائهم أخرج له البخاري وأبو داود واعتذر البخاري بأنه إنما أخرج عنه ما حدث به قبل أن يبتدع واعتذر أبو داود بأن الخوارج أصح أهل البدع حديثا وهو القائل يمدح عبد الرحمن بن ملجم قاتل أمير المؤمنين على ابن أبي طالب كرم الله وجهه.
يا ضربة من تقي ما أراد بها |
|
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا |
الاعراب لي خبر مقدم. ونفس مبتدأ مؤخر. وأقول فعل مضارع فاعله ضمير المتكلم ولها متعلق بأقول. وإذا ظرف. وما زائدة. وتنازعني فعل مضارع وفاعل هو ضمير يعود إلى النفس