من الأسد يأكلك ، بالجزم ، لأن النفي لا يدل على الإثبات ، ولذلك امتنع الإضمار في النفي فلم يقل ما تأتينا تحدثنا ، ولكنك ترفع على القطع كأنك قلت : لا تدن منه فإنه يأكلك وان أدخلت الفاء ونصبت فحسن.
الجزم على الجزاء :
وإن لم تقصد الجزاء فرفعت كان المرفوع على أحد ثلاثة أوجه : اما صفة كقوله تعالى : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي ،) أو حالا كقوله تعالى : (وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ،) أو قطعا واستئنافا كقولك لا تذهب به تغلب عليه ، وقم يدعوك. ومنه بيت الكتاب :
وقال رائدهم أرسوا نزاولها (١)
ومما يحتمل الأمرين الحال والقطع قولهم : ذره يقول ذاك ، ومره يحفرها وقول الأخطل :
__________________
(١) نسبه سيبويه في الكتاب للأخطل وليس هو في ديوان شعره الذي رأينا وتمامه. فكل حتف أمرىء يجري بمقدار.
اللغة الرائد المقدم. وارسوا أي أقيموا من أرسيت السفينة التي حبستها بالمرساة. ونزاول من المزاولة وهي المحاولة والحتف الموت.
الاعراب قال فعل ماض. ورائدهم فاعله. وارسوا فعل أمر فاعله جماعة المخاطبين. ونزاولها فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة. وضمير المتكلمين فاعل. والضمير المتصل مفعول وهو يعود إلى الحرب. والجملة في محل رفع خبر مبتدأ محذوف أي نحن نزاولها. وكل مبتدأ وجملة يجري بمقدار خبره. (والشاهد فيه) استئناف نزاولها وقطعه عن أرسو ولذلك رفعه قال سيبويه في الكتاب وتقول إئتني آتك فتجزم على ما وصفنا وإن شئت رفعت على أن لا تجعله معلقا ولكنك تبتدئه وتجعل الأول مستغنيا عنه أه (والمعنى) قال مقدم القوم لمن معه أقيموا نضرم نار الحرب ونعالجها فان موت كل أحد بمقدار لا يؤخره الإحجام ولا يعجله الإقدام.