بالنهي. ومن التشبيه بالنهي دخولها في النفي وفيما يقاربه من قولهم : ربما تقولن ذاك ، وكثر ما يقولن ذاك. قال عمرو بن هند :
ربما أوفيت في علم |
|
ترفعن ثوبي شمالات (١) |
حذف النون المؤكدة :
وطرح هذه النون سائغ في كل موضع إلا في القسم فإنه فيه ضعيف ، وذلك قولك : والله ليقوم زيد.
وإذا لقي الخفيفة ساكن بعدها حذفت حذفا ولم تحرك كما حرّك التنوين فتقول : لا تضرب ابنك. وقال :
__________________
(١) نسبه هنا لعمرو بن هند الملك. ونسبه شارح الايضاح لجذيمة بن مالك الأبرش صاحب الزباء. وقال نسبه ابن حزم لتأبط شرا وهو غلط.
اللغة رب هنا للتكثير بقرينة المقام. وأوفيت أي أتيت يقال أوفيت رأس الجبل ووافيت فلانا بمكان كذا. والعلم الجبل. والشمالات جمع شمال وهو من الريح ما هب من قبل الشمال.
الاعراب رب ملغاة بدخول ما عليها. وأوفيت فعل وفاعل والمفعول محذوف أي أوفيت مرقبة في رأس جبل. وترفعن فعل مضارع والنون للتوكيد. وهذا منقطع عما قبله كأنه استأنف الحديث وليس في موضع الحال لأن هذه النون لا تدخل على الحال. وثوبي مفعوله. وشمالات فاعله (والشاهد فيه) دخول النون على ترفع في مقام الاثبات. وان كانت لا تدخل الا على المنفي ضرورة. ووجه ذلك انه شبه ما في ربما بما النافية تشبيها لفظيا فصار ترفعن وان كان مثبتا منفي وقيل انما قال ذلك لأن رب للتقليل والتقليل يضارع النفي كما قال (قليل بها الأصوات الا بغامها) أي ليس بها صوت الا بغامها وهذا انما يتمشى على جعل رب للتقليل. وقد علمت أن المقام لا يساعد عليه. ورواه أبو الفرج في الأغاني بلفظ (ترفع أثوابي شمالات) وهي رواية حسنة وعليها فلا شاهد فيه (والمعنى) يصف نفسه أنه يحفظ أصحابه في رأس جبل إذا خافوا عدوا فيكون طليعة لهم وهذا مما يتمدح به لأنه يدل على شهامة النفس وحدة البصر وأشار بقوله (ترفعن ثوبي شمالات) إلى أن ثوبه لا يلتصق بجلده لخمصه. وهذا مدح سيما إذا كان من أهل النعم لأن الغالب عليهم السمن لخفض العيش وراحة البال.