وتتبّعت فيه مقفلات مسائل الإعراب فافتتحتها ، ومعضلات يستشكلها الطلاب فأوضحتها ونقّحتها ،
______________________________________________________
(وتتبعت فيه مقفلات مسائل الإعراب فافتتحتها) معنى تتبعت الشيء تطلبته متتبعا له ، وتشبيه مسائل الإعراب بالخزائن استعارة بالكناية ، وإثبات الأقفال لها استعارة تخييلية والافتتاح ترشيح ، ويحتمل أنه شبه المسائل المشكلة بالأشياء التي توضع الأقفال عليها من حيث لا يوصل إلى الغرض منها إلا بإزالة المانع ، فيكون استعارة تحقيقية ، وكذا تشبيه التحقيق الرافع للإشكال بفتح القفل المفضي للوصول إلى ما وراءه من المطلوب ، وآثر افتتحتها على فتحها إشارة إلى أن كشف القناع عن هذه المسائل المشكلة كان باجتهاد وفيه إيماء إلى أن مثل ذلك لا ينال بالهوينا.
(ومعضلات تستشكلها الطلاب فأوضحتها ونقحتها) معضلات : جمع معضلة ، أو معضل بكسر الضاد من قولك : أعضله الأمر إذا اشتد واستغلق ، وأمر معضل لا يهتدي لوجهه بسهولة ، أي : مسائل معضلات أو أبحاث معضلات ، ويستشكلها الطلاب ، أي يطلبون إشكالها أي : إزالة إشكالها وهو التباسها وإبهامها فالهمزة فيه للسلب ، كما حكاه الجوهري نقلا عن بعض الكتب أنه يقال : أشكلت الكتاب بالألف إذا أزلت عنه الإشكال والالتباس ، فإن قلت : القاعدة أخذ استفعل ، وسائر أبواب المزيد من المجرد ، وأشكل غير مجرد ، قلت : حكي شكل مجردا بمعناه.
قال في القاموس : وأشكل الأمر التبس كشكل ، فلا إشكال حينئذ وعلى تقدير أن لا يكون شكل المجرد موجود ، أو أنّ المسموع أشكل مزيدا فما ذكر من هذه القاعدة إنما هو أمر أكثري فقد سمع من كلامهم استعان ، أي : طلب الإعانة ، واستعاد الحديث ، أي : طلب إعادته ، واستعفاه من الخروج ، أي : طلب إعفاءه منه ، واستجاره بالراء ، طلب منه الإجارة ، واستجازه بالزاي ، طلب منه الإجازة ، واستخلاه مجلسه ، أي : طلب منه إخلاءه له ، وجعل منه الزمخشري ، الاسترضاع في قوله تعالى : (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ) [البقرة : ٢٣٣] ووجهه أن المعنى هنا على طلب أن ترضع الأم الصبي ، من أرضعت المرأة الصبي ، لا على طلب أن يرضع الصبي الأم من رضع الصبي الأم أو الثدي ، فلهذا جعله مأخوذا من أرضع لا من رضع ، وجعل منه القاضي ناصر الدين البيضاوي استنجحت الله ، أي : طلبت إنجاحه.
والطلاب بضم الطاء وتشديد اللام ، جمع طالب ككاتب وكتاب.
والإيضاح : التبيين ، والتنقيح : التهذيب وتنقيح الجذع تشذيبه ، وهو إزالة قشره وما فيه من شوك ونحوه. وكل شيء فيه أذى إذا نحيته فقد نقحته ، والكلام المنقح هو الذي أحسن النظر فيه وأزيلت عنه الزوائد التي لا يحتاج إليها.