ووضعت هذا التصنيف ، على أحسن إحكام وترصيف ،
______________________________________________________
وتخييلية من حيث أثبت له الساعد الذي لا يكمل العمل إلا به ، وذكر التشمير ترشيحا ، ويحتمل أن تكون إضافة الساعد إلى الاجتهاد للملابسة ، وثانيا صفة مقدر إما ظرف ، أو مصدر أي : زمانا ثانيا أو تشميرا ثانيا ، واستئناف العمل ابتداؤه ، والكسل بفتح السين المهملة الفتور ، وكذا التواني والكسل بكسرها صفة مشبهة ، والمتواني : اسم فاعل من توانى بمعنى ونى وليس من باب تجاهل وتغافل نفي المصنف عن نفسه كون الكسل صفة له لا ثابتة ولا حادثة ، فانتفى أصلا : أما الأوّل فمن قوله : لا كسلا ؛ إذ هي صفة مشبهة ، وهي لمن قام به الفعل على معنى الثبوت ، وأما الثاني : فمن قوله : ولا متوانيا : إذ هو اسم فاعل كما تقدم فهو لمن قام به الفعل على معنى الحدوث ، فاندفع ما قد يتوهم من أن نفي الكسل الثابت لا يلزم منه انتفاء الكسل مطلقا ، بل قد يفيد ثبوته في الجملة ، ونفي إظهار الفتور لا يلزم منه نفي الفتور من أصله ، وفي هاتين السجعتين إلزام ما لا يلزم.
(ووضعت هذا التصنيف على أحسن إحكام وترصيف) وضعت هنا جعلت وأنشأت ، والظرف إما لغو على أنه متعلق بهذا الفعل أو مستقر في محل نصب على الحال من مفعوله ، أي كائنا على أحسن إحكام ، والمعنى أنه وضعه مبنيا على ذلك ففيه استعارة مكنية وتخييلية.
قال الجوهري : وتصنيف الشيء جعله أصنافا وتمييز بعضها عن بعض ، قال ابن أحمر:
سقيا بحلوان ذي الكروم وما |
|
صنف من تينه ومن عنبه (١) |
اه كلامه.
وحلوان اسم بلد معروف بطيب التين والعنب قال :
حلوان حلوان من يختار بلدتها |
|
حلوان لا ينكران التين والعنب (٢) |
الأوّل اسم بلد ، والثاني اسم ما يعطى ، والثالث تثنية حلو ، والظاهر أن المصنف أشار بهذا إلى الكتاب ، فأطلق التصنيف عليه مبالغة ، والإحكام : الإتقان ، ويقال رصفت الحجرة أرصفها رصفا إذا ضممت بعضها إلى بعض ولم أقف على التضعيف ، كما فعل المصنف والفاء من التصنيف والترصيف ساكنة ليتأتى السجع كما مر.
__________________
(١) البيت من البحر المنسرح ، وهو لابن أحمر الباهلي في ملحق ديوانه ص ١٧٩ ، ولسان العرب ٩ / ١٩٩ (صنف) ، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ٢ / ٢٠٢ اه.
(٢) البيت من البحر البسيط ، ولم أجده.