ومما حثّني على وضعه أنني لما أنشأت في معناه المقدّمة الصغرى المسماة بـ «الإعراب عن قواعد الإعراب» حسن وقعها عند أولي الألباب ، وسار نفعها في جماعة الطلّاب ،
______________________________________________________
وينسج بكسر السين وضمها مضارع نسج إذا ضم اللحمة (١) إلى السدى (٢) على وجه يستحكم به تداخلها ويستقل به ذلك المنسوج ، وتشبيه التصنيف بالثوب الرفيع في بديع صنعته وتفرده بحسن أسلوبه استعارة بالكناية ، وإثبات المنوال له استعارة تخييلية ، والنسج ترشيح ويحتمل أن يكون المعنى ولم يصنف مصنف على طريقته التي أنشأ هو عليها فتكون الاستعارة في هذه الأجزاء تحقيقية ؛ لكنها تبعية في الأوّل والثاني ، أصلية في الثالث ، وفي الصحاح : وفلان نسيج وحده ، أي : لا نظير له في علم أو غيره ، وأصله في الثوب ؛ لأن الثوب إذا كان رفيعا لم ينسج على منواله غيره ، وإذا لم يكن رفيعا عمل على منواله سد العدة أثواب.
(ومما حثني على وضعه ، أنني لما أنشأت في معناه المقدمة الصغرى المسماة بالإعراب عن قواعد الإعراب حسن وقعها عند أولي الألباب وسار نفعها في جماعة الطلاب) الظاهر أن الواو استئنافية لا عاطفة لعدم تأتي العطف ، أو لعدم حسنه إذا تأملت ، والحث على الشيء هو الحض عليه ، والحمل على فعله بتأكيد.
والضمير في وضعه ومعناه عائد على هذا التصنيف الذي تقدم ذكره في قوله : ووضعت هذا التصنيف على أحسن إحكام ، وترصيف ، ويوجد في بعض النسخ بدل قوله في معناه ما نصه في هذا الغرض.
والمقدمة : إما بفتح الدال اسم مفعول من قدم بمعنى أن الإنسان يقدمها ، أو بكسرها اسم فاعل من قدم بمعنى تقدم ، قال تعالى : (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) [الحجرات : ١].
والإعراب الأوّل : لغوي بمعنى الإبانة والإظهار ، والثاني اصطلاحي أريد به النحو وإجراء الألفاظ المركبة على ما تقتضيه صناعة العربية ، كما يقال أعرب هذه القصيدة إذا تتبع ألفاظها ، وبين كيفية جريها على علم النحو ، ومنه قولهم هذا كتاب إعراب القرآن ، فتبين أن الهمزة في الموضعين مكسورة وأن بينهما جناسا تاما (٣) ، ورأيت في بعض الحواشي بهذه البلاد ضبط الكلمة الثانية بفتح الهمزة ، وهو خطأ ، إذ الأعراب سكان البوادي ، ولا معنى له هنا.
والوقع : السقوط مصدر وقع يقع ، والألباب : جمع لب وهو العقل ، وحسن جواب لما
__________________
(١) لحمة الثوب بالفتح ما ينسج عرضا.
(٢) ما ينسج طولا.
(٣) الجناس هو اتفاق الكلمتين في كل الحروف أو أكثرها مع اختلاف المعنى.