وقيل : التقدير بعد إذ ظلمتم ، وعليها أيضا فـ «إذ» بدل من «اليوم» ، وليس هذا التقدير مخالفا لما قلناه في (بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) [آل عمران : ٨] ؛ لأن المدّعى هناك أنها لا يستغنى عن معناها كما يجوز الاستغناء عن «يوم» في «يومئذ» ، لأنها لا تحذف لدليل ، وإذا لم تقدر «إذ» تعليلا فيجوز أن تكون «أنّ» وصلتها تعليلا ، والفاعل مستتر راجع إلى قولهم : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) [الزخرف : ٣٨] ، أو إلى «القرين» ، ويشهد لهما قراءة بعضهم (أَنَّكُمْ) [الزخرف : ٣٩] بالكسر على الاستئناف.
والرابع : أن تكون للمفاجأة ، نص على ذلك سيبويه ، وهي الواقعة بعد «بينا» أو «بينما» ، كقوله [من البسيط] :
______________________________________________________
للاستقبال على هذا التقدير ، فلم يختلف الزمنان ، (وقيل : التقدير بعد إذ ظلمتم ، و) إذا بنينا (عليهما أيضا فإذ بدل من اليوم) لما ذكرناه كما أن البدل متأت على ما ذهب إليه أبو علي الفارسي ، ولما كان هنا مظنة سؤال تقديره أن يقال : قد سلف أن بعد المضافة إلى إذ في نحو (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) [آل عمران : ٨] اسم زمان لا يصلح للاستغناء عنه ، فلا يحذف ، وهنا على التقدير الماضي قد حذف وهو مناف للكلام السابق ، أجاب عنه المصنف بقوله : (وليس هذا التقدير مخالفا لما قدمناه في بعد إذ هديتنا ؛ لأن المدعى هنالك أنها لا يستغنى عن معناها كما يجوز الاستغناء عن يوم في يومئذ ، لا أنها لا تحذف لدليل) ، وهنا لم نقل استغنى عن معناها حتى ينافي الكلام المتقدم ، وإنما قلنا : بأنها مرادة مقصود معناها لكنها حذفت لدليل ، (وإذا لم نقدر إذ تعليلا فيجوز أن تكون إن وصلتها تعليلا) على حذف لام العلة ، (والفاعل) ضمير (مستتر راجع إلى قولهم : يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين) أي : ولن ينفعكم اليوم هو ، أي : هذا القول ، أو ولن ينفعكم هذا التمني أو هذا الاعتذار ؛ لأنكم في العذاب مشتركون ، أي : لاشتراككم في سببه وهو الكفر ، (أو) راجع (إلى القرين) ، المذكور في قولهم : فبئس القرين (ويشهد لهما) أي : لهذين الاحتمالين وهما كون الفاعل ضميرا راجعا إلى قولهم يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين ، وكونه ضميرا راجعا إلى القرين مع كون أن وصلتها تعليلا (قراءة بعضهم إنكم بالكسر على الاستئناف) ؛ فإنه جواب لسؤال عن العلة مقدر ، كأنه قيل : لم لا ينفعنا ذلك؟ فقيل : إنكم في العذاب مشتركون.
(والرابع) من أوجه إذ (أن تكون للمفاجأة نص على ذلك سيبويه ، وهي الواقعة بعد بينا وبينما) وقد تجيء بعدهما إذا الفجائية (كقوله :