١٢٢ ـ استقدر الله خيرا وارضينّ به |
|
فبينما العسر إذ دارت مياسير |
______________________________________________________
استقدر الله خيرا وارضين به |
|
فبينما العسر إذ دارت مياسير (١) |
وبينما المرء في الأحياء مغتبط |
|
إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير) |
فوقعت إذ بعد بينما في البيت الأول وإذا بعدها في البيت الثاني ، وقد لا يوجد في بعض النسخ إلا البيت الأول ؛ لأنه المثال المطابق لما هو بصدده ، وكأن الأصمعي لا يستفصح إلا ترك إذ وإذا في جواب بينا وبينما ؛ لكثرة مجيء جوابهما بدونهما قال الرضي : والكثرة لا تدل على أن المكثور غير فصيح ، بل تدل على أن الأكثر أفصح ألا ترى إلى قول أمير المؤمنين رضياللهعنه ، وهو من الفصاحة بحيث هو بينا هو يستقبلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته.
قال : ولما قصد إلى إضافة بين اللازم إضافته إلى المفرد إلى الجملة ، والإضافة إلى الجملة كلا إضافة زادوا عليه ما الكافة ؛ لأنها التي تكف المقتضي عن الاقتضاء ، وأشبعوا الفتحة فتولدت ألف لتكون الألف دليل عدم اقتضائه للمضاف إليه ، لأنه كأنه وقف عليه ، والألف قد يؤتى به للوقف كما في (أَنَا) [الأعراف : ١٢] ، و (الظُّنُونَا) [الأحزاب : ١٠] ، وأصل بين أن يكون مصدرا بمعنى الفراق فمعنى جلست بينكما أي : مكان فراقكما وتقدير فقلت : بين خروجك ودخولك أي : زمان فراق خروجك ودخولك ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه فبين كما تبين مستعمل في الزمان والمكان ، وأما إذا كف بما أو الألف وأضيف إلى الجمل فلا يكون إلا للزمان مضاف ، لما تقرر من أنه لا يضاف إلى الجمل من المكان إلا حيث ، وبين في الحقيقة مضاف إلى زمان مضاف إلى الجملة فحذف الزمان المضاف ، والتقدير : بين أوقات زيد قائم أي : بين أوقات قيام زيد ، اه كلامه.
وحكى الحريري في «درة الغواص» أن عبيد الجرهمي عاش ثلاثمائة سنة ، وأدرك الإسلام فأسلم ودخل على معاوية بالشام وهو خليفة فقال له : حدثني بأعجب ما رأيت ، فقال : مررت ذات يوم بقوم يدفنون ميتا لهم فلما انتهيت إليهم اغرورقت عيناي بالدموع فتمثلت بقول الشاعر :
يا قلب إنك من أسماء مغرور |
|
فاذكر وهل ينفعنك اليوم تذكير |
قد بحت بالحب ما تخفيه من أحد |
|
حتى جرت بك إطلاقا محاضير |
فلست تدري أفي الأحوال عاجلها |
|
أدنى لرشدك أم ما فيه تأخير |
__________________
(١) البيت من البحر البسيط ، وهو لحريث بن جبلة أو لعثير بن لبيد في الدرر ٣ / ١٠٠ ، ولسان العرب ٤ / ٢٩٣ (دهز) ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٢٩٤.