فأجاب عن هذا بأن الأصل حينئذ ، ثم حذف المضاف وبقي الجرّ كقراءة بعضهم : (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [الأنفال : ٦٧] ، أي : ثواب الآخرة.
* * *
تنبيه ـ أضيفت «إذ» إلى الجملة الاسمية ، فاحتملت الظرفية والتعليليّة في قول المتنبي [من الكامل] :
١٢٩ ـ أمن ازديارك في الدّجى الرّقباء |
|
إذ حيث كنت من الظّلام ضياء |
وشرحه : أنّ «أمن» فعل ماض ، فهو مفتوح الآخر ، لا مكسوره على أنه حرف جر كما توهّم شخص ادعى الأدب في زماننا وأصرّ على ذلك ، و «الازديار» أبلغ من الزيارة كما أن الاكتساب أبلغ من الكسب ، لأن الافتعال للتصرّف ، والدال بدل
______________________________________________________
إذا ، (فأجاب عن هذا بأن الأصل حينئذ ثم حذف المضاف وبقي الجر) على حاله قبل الحذف ، (كقراءة بعضهم) في الشواذ (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) بالكسر (أي : ثواب الآخرة) ، ولا يخفى أن هذا الجواب ضعيف ؛ لأنه مبني على تقدير أمر مستغنى عنه وهو الحين ، وعلى عدم إقامة المضاف إليه مقام المضاف المحذوف وهو شاذ.
(تنبيه : أضيفت إذ إلى الجملة الاسمية واحتملت الظرفية والتعليلية في قول المتنبي :
أمن ازديارك في الدجى الرقباء |
|
إذ حيث كنت من الظلام ضياء) (١) |
الدجى جمع دجية وهي الظلمة ، والرقباء جمع رقيب وهو الحارس ، واختار ذكر الضياء على النور ؛ لقوته ويشير إلى أنها شمس ، (وشرحه أن أمن فعل ماض فهو مفتوح الآخر لا مكسوره على أنه حرف جر كما توهم شخص ادعى الأدب في زماننا ، وأصر على ذلك ، والازديار أبلغ من الزيارة كما إن الاكتساب أبلغ من الكسب) ومن ثم جاء في التنزيل (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) [البقرة : ٢٨٦] أي : للنفس ما حصل لها من الثواب بأي وجه اتفق حصوله ، سواء كان بإصابة مجردة أو بتحصيل وسعي وعليها ما حصلت وسعت فيه لا ما حصل من غير اختيار لها وسعي ، نبه تعالى على أن الثواب حاصل لها سواء كان بسعيها واختيارها ، أو لم يكن كذلك ، وأما العقاب فلا يكون عليها إلا بقصدها وتحصيلها ، وإنما كان ذلك أبلغ ؛ (لأن الافتعال للتصرف) وهو السعي والمبالغة في تحصيل ذلك المعنى ، (والدال) في الازديار (بدل
__________________
(١) البيت من البحر الكامل ، وهو للمتنبي في ديوانه ١ / ١٤٠.