قراءة الحسن إياك تعبد [الفاتحة : ٥] ببناء الفعل للمفعول ، ولكنه لا يتأتّى فيما أجازوه من قولك : «فإذا زيد القائم» بالنصب ، فينبغي أن يوجّه هذا على أنه نعت مقطوع ، أو حال على زيادة «أل» ، وليس ذلك مما ينقاس. ومن جوّز تعريف الحال أو زعم أن «إذا» تعمل عمل «وجدت» ، وأنها رفعت «عبد الله» بناء على أن الظرف يعمل وإن لم يعتمد ، فقد أخطأ ، لأن «وجد» ينصب الاسمين ، ولأن مجيء الحال بلفظ المعرفة قليل ، وهو قابل للتأويل.
والثالث : أنّه مفعول به ، والأصل : فإذا هو يساويها ، أو فإذا هو يشابهها ، ثم حذف الفعل فانفصل الضمير ، وهذا الوجه لابن مالك أيضا ، ونظيره قراءة عليّ رضياللهعنه : (لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) [يوسف : ١٤] بالنصب ـ أي نوجد عصبة أو نرى عصبة.
______________________________________________________
(قراءة الحسن إياك يعبد ببناء الفعل للمفعول) ولكني لا أتحرر الآن هل قرأ تعبد بالتاء الفوقية ، وهذا ظاهر إذ المعنى أنت تعبد أو قرأه بالياء التحتانية ، وهذا يحتاج إلى حذف أي : أنت إله يعبد والظاهر الأول (ولكنه) أي : ولكن هذا التوجيه (لا يتأتى فيما أجازوه من قولك : فإذا زيد القائم بالنصب) ضرورة أنه لا ضمير هنا حتى يقال : استعير ضمير مكان ضمير (فينبغي أن يوجه هذا على أنه نعت مقطوع) أي اذكر القائم (أو حال على زيادة أل وليس ذلك) أي : القول بزيادة أل في الحال (مما ينقاس) حتى يجوز في أي مثال كان من غير سماع (ومن جوز تعريف الحال ، أو زعم أن إذا تعمل عمل وجدت وأنها رفعت عبد الله) في قولهم خرجت فإذا عبد الله القائم ، وهو المثال الذي أورده الكسائي في مجلس مناظرته لسيبويه كما أسلفه المصنف هناك ، (بناء على أن الظرف يعمل وإن لم يعتمد) على نفي أو استفهام أو غير ذلك (فقد أخطأ لأن وجد تنصب الاسمين) وهذا تعليل لخطأ صاحب الرأي الثاني (ولأن مجيء الحال بلفظ المعرفة قليل ، وهو قابل للتأويل) وهذا تعليل لخطأ الرأي الأول فأتى بالعلتين على غير الترتيب السابق ، فجعل الأول هنا للثاني هناك وجعل الثاني هناك للأول هنا.
(والثالث أنه مفعول به والأصل فإذا هو يساويها أو فإذا هو يشبهها ثم حذف الفعل فانفصل الضمير) ولا استعارة هنا لضمير في مكان ضمير فإنه منصوب في حالتي ذكر الفعل وحذفه ، إنما التفاوت بالاتصال والانفصال فقط (وهذا الوجه لابن مالك أيضا) ولكنه لا يتأتى في مثل قولهم : فإذا زيد القائم بالنصب فيوجه بأنه نعت مقطوع كما مر (ونظيره) في حذف الخبر الفعلي (قراءة علي رضي الله تعالى عنه : (لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) [يوسف : ١٤] بالنصب أي : نوجد عصبة ،