وزعم أبو الفتح في (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) (١) الآية [الواقعة : ١] ، فيمن نصب (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) (٣) [الواقعة : ٣] أن «إذا» الأولى مبتدأ ، والثّانية خبر ، والمنصوبين حالان ، وكذا جملة (لَيْسَ) [الواقعة : ٢] ومعموليها. والمعنى وقت وقوع الواقعة خافضة لقوم رافعة لآخرين هو وقت رجّ الأرض.
______________________________________________________
قال : بعضهم يجوز أن يتجرد معنى إذا بعد حتى عن الشرطية وتنجر بحتى ، ولعله حمله عليه قوله :
حتى إذا سلكوهم في قتائده |
|
نشلا كما تطرد الجمالة الشردا (١) |
وهذا البيت آخر القصيدة ويجوز أن يقال : إن جوابه مقدر محافظة على أغلب أحوالها ، وقال الميداني إذا فيه زائدة ، ولنا عن ارتكاب زيادته مندوحة ، إذ أحرف الجزاء لتفخيم الأمر غير عزيز ، وهذا كلامه ، والقتائدة بقاف مضمومة ومثناة فوقية بعدها ألف فمثناة تحتية فدال مهملة فهاء تأنيث تثنية أو عقبة ، ونشلا بالشين المعجمة من قولك : نشل الشيء أسرع نزعه ، والجمالة بالجيم أصحاب الجمال ، والشرد جمع شريد وهو الطريد.
(وزعم أبو الفتح) ابن جني (في) قوله تعالى : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) (١) اذكر (الآية) وهي (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ ١ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ ٢ خافِضَةٌ رافِعَةٌ ٣ إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) (٤) [الواقعة : ١ ـ ٤] (فيمن نصب (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) أن إذا الأولى مبتدأ والثانية خبر والمنصوبين حالان وكذا جملة ليس ومعمولها) وهي ليس لوقعتها كاذبة (والمعنى : وقت وقوع الواقعة) متحققة بلا ريب (خافضة لقوم رافعة لآخرين هو وقت رج الأرض) وهذا نظير ما حكاه شارح «اللب» عن سيبويه في قولك : إذا يقوم زيد إذا يقوم عمرو أي : وقت قيام زيد هو وقت قيام عمرو ، وفي ثبوته عن سيبويه نظر فابن جني إمام حافظ بصري وإنما حكاه عن المبرد ، قال في شرح «الحماسة» : وقد أجاز أبو العباس المبرد أن تقول : إذا يقوم زيد إذا يقعد جعفر على أن تكون الأولى مرفوعة بالابتداء ، والثانية مرفوعة لكونها خبرا عن الأولى ، حتى كأنه قال : وقت يقوم زيد وقت يقعد جعفر ، وقال الرضي : وعن بعضهم أن إذا الزمانية تقع اسما صريحا نحو إذا يقوم زيد إذا يقعد عمرو أي : وقت قيام زيد وقت قيام عمرو ، وإن لم أعثر على شاهد من كلام العرب. إلى هنا كلامه ، وإنما قيد تخريج أبي الفتح بقوله : فيمن نصب خافضة رافعة ؛ لأن مع رفعهما كما في القراءة المشهورة لا يحتاج إلى ذلك التخريج ، بل تبقى إذا على ظرفيتها وتنتصب إما بليس
__________________
(١) البيت من البحر البسيط ، وهو لعبد مناف بن ربع الهذلي في الأزهية ص ٢٠٣ ، وخزانة الأدب ٧ / ٣٩ ، ولابن أحمر في ملحق ديوانه ص ١٧٩.