وقال قوم في «أخطب ما يكون الأمير» : إن الأصل أخطب أوقات أكوان الأمير إذا كان قائما ، أي : وقت قيامه ، ثم حذفت الأوقات ونابت «ما» المصدريّة عنها ، ثم حذف الخبر المرفوع ، وهو إذا ، وتبعها «كان» التامّة وفاعلها في الحذف ، ثم نابت الحال عن الخبر ، ولو كانت «إذا» على هذا التقدير في موضع نصب لاستحال المعنى كما يستحيل إذا قلت : «أخطب أوقات أكوان الأمير يوم الجمعة» إذا نصبت «اليوم» ، لأنّ الزمان لا يكون محلّا للزّمان.
وقالوا في قول الحماسيّ [من الطويل] :
١٣٣ ـ وبعد غد ، يا لهف قلبي من غد |
|
إذا راح أصحابي ولست برائح |
إن «إذا» في موضع جرّ بدلا من «غد».
______________________________________________________
كقولك : يوم الجمعة ليس لي شغل أو بمحذوف أي : إذا وقعت كان كيت وكيت.
(وقال قوم في أخطب ما يكون الأمير قائما : إن الأصل أخطب أوقات أكوان الأمير إذا كان قائما أي : وقت قيامه ، ثم حذف الأوقات ونابت ما المصدرية عنها) كما نابت عنه في نحو : أكرمك ما دمت متقيا لله ، (ثم حذف الخبر المرفوع وهو إذا وتبعتها كان التامة ، وفاعلها في الحذف ثم نابت الحال) وهي قولك قائما (عن الخبر وهو إذا) المضافة إلى كان (ولو كانت إذا على هذا التقدير) وهو أن الأصل أخطب أوقات أكوان الأمير إذا كان قائما (في موضع نصب لاستحالة المعنى) ؛ إذ المعنى حينئذ الوقت الذي هو أخطب أوقات أكوان الأمير كائن في وقت وجوده قائما (كما يستحيل) المعنى (إذا قلت : أخطب أوقات أكوان الأمير يوم الجمعة إذا نصبت اليوم) ؛ لأن أفعل التفضيل هو بحسب ما يضاف إليه ، وقد أضيف إلى الأوقات فيكون وقتا وقد جعلت هذا الوقت واقعا في يوم الجمعة فيستحيل ، (لأن الزمان لا يكون محلا للزمان وقالوا في قول الحماسي :
وبعد غد يا لهف نفسي من غد |
|
إذا راح أصحابي ولست برائح (١) |
إن إذا في موضع جر بدلا من غد) وقال ابن جني : حديث إذا في هذا البيت ظريف ، وذلك أن هنا وقعت موقعا غريبا لأنها عندنا بدل من غد ، وفي موضع جر فكأنه قال : يا لهف نفسي من إذا راح أصحابي ، إلا أن هذا بغير توسط البدل منه يقبح ؛ لأن إذا قلما تباشر الجار ،
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لأبي الطمحان القيني في الأغاني ١٣ / ١١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٨ / ٢٦.