وأنه لا يمتنع التّعليق بـ «كائن» مع بقاء «إذا» على الاستقبال ، بدليل صحة مجيء الحال المقدرة باتّفاق ، كـ «مررت برجل معه صقر صائدا به غدا» ، أي : مقدّرا الصيد به غدا ، كذا يقدّرون. وأوضح منه أن يقال : مريدا به الصّيد غدا ، كما فسّر «قمتم» في (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) [المائدة : ٦] بـ «أردتم».
مسألة ـ في ناصب «إذا» مذهبان ، أحدهما : أنه شرطهما ، وهو قول المحقّقين ، فتكون بمنزلة «متى» و «حيثما» و «أيّان». وقول أبي البقاء إنه مردود بأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف غير وارد ، لأن «إذا» عند هؤلاء غير مضافة ، كما يقوله الجميع إذا جزمت كقوله [من الكامل] :
______________________________________________________
يوصف بزمان من الأزمنة ، وإخباره لا يتعلق بزمان والمتعلق بالزمان هو المخبر عنه ، فيلزم أن لا تقع إذا ظرفا لفعل خبري وقع في كلام الله تعالى ؛ لأنه قديم والقديم لا زمان له ، فما أجاب به المصنف عن هذا فهو جواب خصمه عن ذاك (وأنه لا يمتنع التعلق بكائنا مع بقاء إذا على الاستقبال) ؛ إذ لا مانع من وقوع الحال الصناعية مرادا بها الزمن المستقبل كما تقول : سأدخل البلد راكبا فإن الحال مقيدة لعاملها والعامل هنا مستقبل وقيده مقارن له في ذلك الزمن (بدليل صحة مجيء الحال المقدرة باتفاق كمررت برجل معه صقر صائدا به غدا أي مقدرا الصيد به غدا) وقد يقال : هذا لا يفضي إلى مطلوبه ؛ لأن الحال على هذا التقدير في الحقيقة إنما هو قولك : مقدرا وزمنه حالي لا استقبالي وغدا ظرف للصيد لا للتقرير (وكذا يقدرون وأوضح منه أن يقال : المعنى مريدا) الآن (به الصيد غدا كما فسر قمتم في إذا قمتم إلى الصلاة بأردتم) القيام وإنما عبروا عن إرادة الفعل بلفظ الفعل ؛ لأنه يوجد عند القصد والإرادة بغير فاصل وعلى حسبه ، فكان منه بسبب قوي وملابسة ظاهرة.
(مسألة في ناصب إذا مذهبان :
أحدهما : أنه شرطها وهو قول المحققين فتكون بمنزلة حتى وحيثما وأيان) في أنهن منصوبات بشروطهن ، لكن يلزم على هذا أن تكون إذا ظرفا مبهما لا مختصا ، وهي من الظروف المختصة عندهم ، فإن قلت : قد قال ابن الحاجب : إن تعيين الوقت في إذا يحصل بمجرد الفعل بعده ، وإن لم يكن مضافا كما يحصل في قولنا زمانا طلعت فيه الشمس قلت : رده الرضي بأنه إنما حصل التخصيص في المثال بما ذكر بعده ، لكونه صفة له لا لمجرد ذكره بعده ، ولو كان مجرد ذكر الفعل بعد كلمة كافيا في تخصيصها لتخصصت متى في قولك : متى قام زيد وهو غير مخصص اتفاقا (وقول أبي البقاء) العكبري (إنه مردود لأن إذا عند هؤلاء) القائلين بأن ناصبها هو شرطها (غير مضافة) إلى الشرط (كما يقوله الجميع إذا جزمت كقوله) :