الوقوع وعدمه ، فأما «إن جاءني فو الله لأكرمنّه» ، فالجواب في المعنى فعل الإكرام ، لأنه المسبّب عن الشرط ، وإنما دخل القسم بينهما لمجرّد التوكيد ، ولا يمكن ادّعاء مثل ذلك هنا ، لأن جواب والليل ثابت دائما ، وجواب والنجم ماض مستمرّ الانتفاء ، فلا يمكن تسببهما عن أمر مستقبل وهو فعل الشرط.
والثاني : أن الجواب خبريّ ، فلا يدلّ عليه الإنشاء ، لتباين حقيقتهما.
______________________________________________________
الوقوع وعدمه) قال نجم الدين سعيد في شرحه للحاجبية : جزاء الشرط يجب أن يكون قضية خبرية معلقة بالشرط ؛ لأن الإنشاء ثابت ، والثابت لا يقبل تعليقا وقولنا : أنت حر إن دخلت الدار ، إنشاء للتعليق لا تعليق للإنشاء ، وأنكره الرضي مستدلا بما وقع كثيرا في القرآن من الجمل الإنشائية جزاء للشرط ، وهو مقتضى قول التفتازاني : إن الشرط قيد لمسند الجزاء لا يخرج الكلام عما كان عليه من خبرية أو إنشائية ، واعترضه الشريف الجرجاني في حاشيته على المطول بأن قال : لا شك أن مثل أكرم زيدا يدل بظاهره على طلب في الحال لإكرامه في الاستقبال ، فيمتنع تعليق الطلب الحاصل في الحال على حصول ما يحصل في المستقبل إلا بتأويل ، فالإكرام إما أن يعلق على الشرط من حيث طلبه ، أو من حيث وجوده فإذا علق من حيث هو مطلوب فكأنك قلت : إذا جاءك زيد فإكرامه مطلوب منك ، فيحمل اللفظ بواسطة القرينة على الطلب في الاستقبال ، ويلزم من انتفائه في الحال تأويل الطلبي بالخبري ، وأما إن علق عليه من حيث وجوده وكان الطلب حاصلا في الحال فكأنه قيل : إذا جاءك زيد يوجد إكرامك إياه مطلوبا منك في الحال ، فيلزم تأويل الطلبي بالخبري ، وأن لا يكون الطلب تعلق بالشرط أصلا ، وبالجملة لا يمكن جعل الطلبي جزاء بلا تأويل ، ثم قال : ويتفرع على التأويل وعدمه احتمال الصدق والكذب وعدمه في الشرطية التي جزاؤها طلبي وإن كان الطلب في نفسه لا يحتملهما.
(فأما إن جاءني فو الله لأكرمنه ، فالجواب في المعنى فعل الإكرام ؛ لأنه المسبب عن الشرط ، وإنما دخل القسم بينهما لمجرد التوكيد ، ولا يمكن ادعاء مثل ذلك هنا ؛ لأن جواب والليل) وهو إن سعيكم لشتى (ثابت دائما ، وجواب والنجم) وهو ما ضل صاحبكم وما غوى (ماض مستمر الانتفاء ، فلا يمكن تسببهما) أي : تسبب هذين الجوابين (عن أمر مستقبل وهو فعل الشرط.
والثاني أن الجواب) المقدر في الآيتين قيل : إن التقدير إذا يغشى الليل وإذا هوى النجم أقسمت (خبري) لما قدمه من أن الإنشائي لا يقبل التعليق ؛ لأن الإنشاء إيقاع معنى بلفظ يقارن في الوجود والمعلق يحتمل الوقوع وعدمه (فلا يدل عليه الإنشاء) وهو أقسم الذي يتعلق به حرف القسم ، فإن قلت : اختار المصنف كون إذا في الآيتين ظرفية غير شرطية لما قرره ، ويرد عليه أنها تقدر على رأيه بكون محذوف يجعل حالا من المجرور ، ولا شيء يقدر عاملا في هذه الحال إلا