ونظيره بيت الكتاب [من الكامل] :
١٥٠ ـ كنواح ريش حمامة نجديّة |
|
ومسحت باللّثتين عصف الإثمد |
يقول : إن لثاتك تضرب إلى سمرة ، فكأنّك مسحتها بمسحوق الإثمد ؛ فقلب معمولي «مسح» ، وقيل في «شربن» : إنه ضمّن معنى «روين» ، ويصح ذلك في : (يَشْرَبُ بِها) [الإنسان : ٦] ونحوه ؛ وقال الزمخشري في (يَشْرَبُ بِها :) المعنى : يشرب بها الخمر كما تقول : «شربت الماء
______________________________________________________
فحصل قلب بنقل الباء التي كانت داخلة على المزيل إلى المزال عنه ، وحذف المفعول الآخر (ونظيره بيت الكتاب :
كنواح ريش حمامة نجدية |
|
ومسحت باللثتين عصف الإثمد) (١) |
النواحي جمع ناحية ، لكنه حذف الياء تخفيفا للضرورة واللثة بلام مكسورة فثاء مثلثة ، هي ما يدخل الأسنان وأصله لثى والهاء عوض من الياء ، والجمع لثاث ولثى ، والإثمد بكسر الهمزة والميم وسكون المثلثة بينهما حجر الكحل (يقول : إن لثاتك) أيتها المرأة (تضرب إلى سمرة) وهو وصف محمود عند العرب (فكأنك مسحتها بمسحوق الإثمد) وقضية هذا أنه فسر العصف بالمسحوق ، ولم أقف عليه (فقلب معمولي مسح) حيث أدخل الباء على اللثتين وهما الممسوحتان ، ولم يدخلها على عصف الإثمد وهو الممسوح به ، وقرر بعض الناس كون الباء للاستعانة على وجه يقتضي أن لا قلب ، ولكن يقتضي الحذف فقال : مسح يتعدى إلى مفعول بنفسه وهو المزال عنه ، وإلى آخر بحرف الجر وهو المزيل فيكون تقدير الآية وامسحوا أيديكم برؤوسكم ، قلت : فجعل الرأس هي الآلة لدخول الباء عليها ، ولا قلب وعلى هذا فليس في الكلام ما يقتضي استيعاب الرأس بالمسح ؛ لأنه غير مضاف إليها بل أضيف إلى اليد ، فلا يلزم مسح كل الرأس ، وبهذه الطريقة أثبت بعض الحنفية التبعيض لا بكون الباء مفيدة له بالوضع.
(وقيل في شربن) بماء البحر (إنه ضمن معنى روين) فالباء فيه للاستعانة (ويصح ذلك) أيضا (في (يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) [الإنسان : ٦] (ونحوه) يريد شرب النزيف ببرد ماء الحشرج فيقدر في الآية ، يروى بها عباد الله وفي البيت ري النزيف ببرد الماء (وقال الزمخشري : في (يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ)) عباد الله (المعنى : يشرب بها الخمر كما تقول : شربت الماء
__________________
(١) البيت من البحر الكامل ، وهو لخفاف بن ندبة في ديوانه ص ٥١٤ ، والإنصاف ٢ / ٥٤٦ ، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ٢ / ٧٧٢.