معنى «يرقين» و «يتبرّكن» ، وأنه يقال : «قرأت بالسورة» على هذا المعنى ، ولا يقال : «قرأت بكتابك» لفوات معنى التبرّك فيه ، قاله السّهيلي. وقيل : المراد لا تلقوا أنفسكم إلى التهلكة بأيديكم ، فحذف المفعول به ، والباء للآلة كما في قولك : «كتبت بالقلم» ، أو المراد بسبب أيديكم ، كما يقال : لا تفسد أمرك برأيك.
وكثرت زيادتها في مفعول «عرفت» ونحوه ، وقلّت في مفعول ما يتعدّى إلى اثنين كقوله [من الكامل] :
١٥٧ ـ تبلت فؤادك في المنام خريدة |
|
تسقي الضّجيع ببارد بسّام |
______________________________________________________
(معنى يرقين ويتبركن) فعدى بالباء التي للإلصاق ويرقين بكسر القاف ، يقال : رقاه يرقيه إذا عوذه (وأنه يقال : قرأت بالسورة على هذا المعنى) وهو معنى التبرك أي : تبركت بالسورة (ولا يقال قرأت بكتابك) حيث لا يكون المخاطب ممن يتبرك به ؛ (لفوات معنى التبرك فيه قاله السهيلي ، وقيل المراد) في الآية الأولى (ولا تلقوا أنفسكم إلى التهلكة بأيديكم فحذف المفعول به ، والباء للآلة كما في كتبت بالقلم أو المراد بسبب أيديكم ، كما يقال لا تفسد أمرك برأيك) فالباء على هذا للسببية (وكثرت زيادتها في مفعول عرفت ونحوه) مما يتعدى إلى واحد كعلمت التي بمعناها ، وسمعت تقول : عرفت بزيد وعلمت به وسمعت بحال عمرو (وقلت) زيادتها (في مفعول ما يتعدى لاثنين كقوله :
تبلت فؤادك في المنام خريدة |
|
تسقي الضجيع ببارد بسام) (١) |
تبلت بمثناة فوقية فموحدة أي : أفسدت قال الجوهري يقال : تبله الحب وأبتله أي : أسقمه وأفسده ، والفؤاد القلب على المشهور وقيل : هو باطن القلب ، وقيل : غشاؤه ، والخريدة من النساء هي الحيية ، وقيل العذراء وخاؤها معجمة ودالها مهملة ، وتسقي بفتح حرف المضارعة وضمه والمراد بالضجيع ضجيع تلك الخريدة ، وهو الذي يضجع جانبه على الأرض إلى جانبها ، قلت : ويمكن أن تكون الباء في هذا البيت للاستعانة مثل سقيته بالقدح ، والمراد بالبارد البسام الثغر والمفعول الثاني محذوف أي : تسقي الضجيع ريقها ببادر بسام ، وأما على ما قاله المصنف فتكون الباء زائدة داخلة على ثاني المفعولين أي : تسقي الضجيع بادرا بساما وفيه نظر ؛ لأن المراد بالبارد الثغر بدليل وصفه ببسام ، وهو لا يسقي لكن لا يجوز أن يكون على حذف مضاف ، وعليه
__________________
(١) البيت من البحر الكامل ، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص ١٠٧ ، والأغاني ٤ / ١٣٧ ، والجنى الداني ص ٥١.