وأن تفسيرها بـ «غير» أعلى.
والثاني : أن تكون بمعنى «من أجل» ، ومنه الحديث : «أنا أفصح من نطق بالضّاد بيد أنّي من قريش واسترضعت في بني سعد بن بكر». وقال ابن مالك وغيره : إنها هنا بمعنى «غير» ، على حد قوله [من الطويل] :
١٦٩ ـ ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم |
|
بهنّ فلول من قراع الكتائب |
______________________________________________________
وأن تفسيرها بمعنى غير أعلى) ، قلت : وابن السكيت هذا هو أبو يوسف يعقوب مؤدب أولاد المتوكل ومصنف كتاب إصلاح المنطق من شعره قوله :
يصاب الفتى من عثرة من لسانه |
|
وليس يصاب المرء من عثرة الرجل |
فعثرته بالقول تذهب رأسه |
|
وعثرته بالرجل تبرأ على مهل (١) |
ومن الحكايات الغريبة أنه رحمهالله أنشد ولدي المتوكل وهو يعلمهما هذين البيتين ، ثم جلس بعد ذلك بيسير مع المتوكل فأقبل ولده المعتز والمؤيد تلميذا ابن السكيت فقال له : المتوكل يا يعقوب أيما أخير ابناي هذان أم الحسن والحسين؟ فقال ابن السكيت : والله إن قنبرا خادم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه خير منك ومن ابنيك ، فقال المتوكل للأتراك : سلوا لسانه من قفاه ففعلوا به ذلك فمات في ليلة الإثنين لخمس خلون من شهر رجب سنة أربع وأربعين ومائتين رحمة الله تعالى عليه.
(والثاني أن تكون بمعنى من أجل) بفتح الهمزة وكسرها ، قال الجوهري : ويقال فعلت ذلك من أجلك ، أي : من جراك ، وقال في حرف الراء : وفعلت كذا من جراك أي : من أجلك فتأمل ، (ومنه الحديث أنا أفصح من نطق بالضاد) أي أفصح العرب ؛ لأن الضاد ليست في غير لسانهم كذا في القاموس ، (بيد أني من قريش واسترضعت في بني سعد بن بكر) (٢) وهاتان القبيلتان من الفصاحة بمكان ، (وقال ابن مالك وغيره إنها هنا) أي : في قوله عليه الصلاة والسّلام «بيد أني من قريش» (٣) ، (بمعنى غير على حد قوله) أي قول النابغة الذبياني :
(ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم |
|
بهن فلول من قراع الكتائب) (٤) |
__________________
(١) البيتان من البحر الطويل ، وهما بلا نسبة في وفيات الأعيان ٦ / ٣٩٩.
(٢) ذكر نحوه ابن حجر في تلخيص الحبير ٤ / ٦ ، وابن هشام في السيرة النبوية ١ / ٣٠٤.
(٣) ذكره العجلوني في كشف الخفاء ١ / ٢٣٢ وقال لا أصل له ، وملا علي القاري في المصنوع ص ٦٠ وقال : لا يعلم من أخرجه ولا إسناده.
(٤) تقدم تخريجه.