وأنشد أبو عبيدة على مجيئها بمعنى «من أجل» قوله [من الرجز] :
١٧٠ ـ عمدا فعلت ذاك بيد أنّي |
|
أخاف إن هلكت أن ترنّي |
وقوله : «ترنّي» : من الرنين ، وهو الصوت.
* (بله) على ثلاثة أوجه : اسم لـ «دع» ،
______________________________________________________
فلول جمع فل وهو الكسر في حد السيف ، والقراع المضاربة ، والكتائب بالتاء الفوقية الجيوش جمع كتيبة ، وهذا عند أهل البديع من تأكيد المدح بما يشبه الذم ، ووجهه في الحديث أن الأصل في مطلق الاستثناء الاتصال ، فذكر أداته قبل ذكر ما بعدها يوهم إخراج شيء مما قبلها ، فإذا وليها صفة مدح جاء التأكيد لما فيه من المدح ، والإشعار بأنه لم يجد صفة ذم يثبتها ، فاضطر إلى استثناء صفة مدح وتحويل الاستثناء إلى الانقطاع ، ووجهه في البيت من جهتين.
إحداهما ما تقدم ، والأخرى أنه كدعوى الشيء ببينة إذ معناه إثبات شيء من العيب للممدوحين على تقدير كون فلول السيف من مضاربة الجيوش عيبا ، فعلق نقيض المدعى وهو إثبات شيء من العيب بالمحال ، والمعلق بالمحال محال ، فعدم العيب متحقق فالبيت يفارق الحديث في هذه الجهة الأخيرة ، ويشاركه في الأولى وباعتبارها قال على حد قوله (وأنشد أبو عبيدة) بالتصغير مع هاء التأنيث ، وقد مر مرات (على مجيئها بمعنى من أجل قوله) يخاطب امرأة :
(عمدا فعلت ذاك بيد أني |
|
أخاف إن هلكت أن ترني (١) |
وقوله ترني من الرنين وهو الصوت) ، وأنشد الجوهري هذا البيت شاهدا على أنه يقول : أرنت بمعنى صاحت ، فإنه قال : الرنة الصوت يقال : رنت المرأة ترن رنينا وأرنت أيضا صاحت ، وفي كلام أبي زبيد الطائي شمراؤه مغنه وأطياره مرنه ، قال الشاعر :
عمدا فعلت ذاك بيد أني |
|
أخاف إن هلكت لم ترني |
وأنشده بلم وكان ينبغي للمصنف أن يقول من الأرنان ؛ لأن الفعل هنا رباعي كما أشار إليه الجوهري.
(بله)
(على ثلاثة أوجه :
اسم لدع) بمعنى ترك فهي من أسماء الأفعال.
__________________
(١) تقدم تخريجه.