والثاني : أن تكون للاستفهام ، وحقيقته : طلب الفهم ، نحو : «أزيد قائم»
______________________________________________________
الأوّل : دعوى أن الهمزة للمتوسط وإنما هي عندهم لنداء القريب فقط.
والثاني : كون القريب لم يوضع لندائه غير (يا) ، والقدح بخرق إجماع النحاة مبني على أن إجماعهم في الأمور اللغوية معتبر يتعين اتباعه ، ووقع لبعض العلماء تردد فيه ، وجعل المصنف ذلك الكلام نفس الخرق لغرض المبالغة في التشنيع ، وتأويله بذو خرق يفوت هذا الغرض وقد ذكر الشيخ عبد القاهر في قوله :
فإنما هي إقبال وإدبار (١)
أنه لا مجاز في شيء من الطرفين ، وإنما المجاز في الإسناد نفسه حيث جعلت كأنها تجسمت من الإقبال والإدبار ، قال : ولو قلنا المراد ذات إقبال وإدبار خرجنا إلى شيء مغسول ، وكلام عامي مرذول.
(و) الوجه (الثاني) من وجهي الألف المفردة (أن تكون) هي (للاستفهام وحقيقته طلب الفهم) ، ولو قيل طلب الإفهام لكان له وجه ؛ إذ لا يطلب من المستفهم إلا ما يمكن أن يفعله ، وإنما يفعل الإفهام لا الفهم القائم بغيره ، فيكون الإفهام هو المطلوب منه ، وغايته أن يكون الاستفعال أخذ من المزيد ، وليس ببدع فقد تقدّمت أمثلة كثيرة منه عند الكلام على قول المصنف في الديباجة ومعضلات يستشكلها الطلاب ، وفي كلام الجوهري إشارة إلى ذلك ، فإنه قال : واستفهمني الشيء وأفهمته ، وقد يجاب بأن المطلوب الحقيقي في الاستفهام هو الفهم ، والإفهام وسيلة إلى ذلك المطلوب ، واعتبار المقاصد أولى من اعتبار الوسائل ، فلذلك جعل لطلب الفهم لا الإفهام ، فإن قيل ينتقض بنحو : افهم فإن حقيقته طلب الفهم ، وليس باستفهام؟ فالجواب أن المراد طلبه الفهم وذلك ؛ لأن الطلب مصدر أضيف إلى المفعول ، فلا بد له من فاعل ، والأصل وحقيقة الاستفهام : طلب الإنسان فهمه ، فحذف الضمير المضاف إليه وعوض عنها لام التعريف على رأي الكوفيين ، أو تقول : هي للعهد ، والتعريف اللامي قائم مقام التعريف الإضافي من غير حذف وتعويض ، فالمعهود هو فاعل الطلب ، فإذن لا يرد النقض فافهم فإنه وإن كان لطلب الفهم لكنه لطلب فهم شخص آخر غير الطالب.
(نحو) همزة : (أزيد قائم) برفع نحو على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو نحو كذا ،
__________________
(١) عجز بيت من البسيط ، صدره (ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت) ، وهو للخنساء ، انظر ديوانها ص ٣٨٣ ، ولسان العرب (رهط) ، والأغاني ١٥ / ٧٨ ، ودلائل الإعجاز ١ / ٢٣١.