(أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) [فصلت : ٤٠] ، ولك أن تقول : لا حاجة إلى تقدير معادل في البيت ، لصحة قولك : ما أدري هل طلابها رشد ، وامتناع أن يؤتى لها بمعادل ، وكذلك لا حاجة في الآية إلى تقدير معادل لصحّة تقدير الخبر بقولك : كمن ليس كذلك ؛
______________________________________________________
(أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) [فصلت : ٤٠] لكن الخبر في هذا مذكور وفي تلك مقدر.
(ولك أن تقول) والخطاب هنا لكل من يصلح أن يخاطب ، لا لمعين شخص : (لا حاجة في البيت) المذكور (إلى تقدير معادل لصحة قولك : ما أدري هل رشد طلابها) يعني أن الهمزة في البيت محتملة لأن تكون لطلب التصديق ، وحينئذ يمتنع تقدير المعادل لخروج الاستفهام حينئذ لأن يكون تصويريا مع فرض كونه تصديقيا هذا خلف (وامتناع) أي ولامتناع (أن يؤتي لها بمعادل) لأن الإتيان به يقتضي أن يكون الاستفهام مصروفا لطلبه مسندا أو مسندا إليه أو غير ذلك ، فتكون هل حينئذ لطلب التصور وهي لا تستعمل إلا لطلب التصديق ، قلت : وهذا منتقض بقوله عليه الصلاة والسّلام لجابر بن عبد الله رضياللهعنهما : هل تزوجت بكرا أم ثيبا (١) ، ساقه البخاري بهذا النص في «كتاب الجهاد» في «باب استئذان الرجل الإمام».
قال ابن مالك في التوضيح : فيه شاهد على أن هل قد تقع موقع الهمزة المستفهم بها عن التعيين ، فتكون أم بعدها متصلة غير منقطعة ؛ لأن استفهام النبي صلىاللهعليهوسلم جابرا لم يكن إلا بعد علمه بتزوجه إما بكرا أو ثيبا ، فطلب فيه الإعلام بالتعيين كما كان يطلبه بأي ، فالموضع إذا موضع الهمزة لكن استغنى عنها بهل ، وثبت بذلك أن أم المتصلة تقع بعد هل كما تقع بعد الهمزة.
قلت : وقد يعترض بأنّا لا نسلم اتصالها في الحديث لجواز أن تكون منقطعة ، وثيبا مفعول بفعل محذوف دل عليه المذكور ، فاستفهم أولا ثم أضرب واستفهم ثانيا ، والتقدير بل أتزوجت ثيبا.
(وكذا لا حاجة في الآية إلى تقدير معادل لصحة تقدير الخبر بقولك : كمن ليس كذلك) ويخرج حينئذ عن أن يكون من قبيل ما حذف فيه حرف العطف والمعطوف ، إذ المعنى مع كون التقدير ، أمن هو قانت أناء الليل كمن ليس كذلك ، مستقيم من غير احتياج إلى تقدير المعادل ، قلت : ولو جعل المصنف المقدر لفظ كغيره ، كما فعل الزمخشري لكان أولى ، تقليلا للمحذوف ما أمكن ، فإن قلت : قد يرجح تقدير المعادل في الآية بموافقته للقراءة الأخرى وهي : أمن هو
__________________
(١) أخرجه البخاري ، كتاب الجهاد والسير ، استئذان الرجل الإمام (٢٩٦٧).