ويكون : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) [الرعد : ٣٣] معطوفا على الخبر ، على التّقدير الثّاني ؛ وقالوا : التقدير في قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الزمر : ٢٤] ، أي كمن ينعّم في الجنّة ؛
______________________________________________________
السؤال الثاني : لم عدل عن الاسم الصريح إلى الموصول ، وجوابه : أن ذلك لقصد التفخيم بواسطة الإبهام الذي يتضمنه الموصول ، مع تحقيق أن القيام كائن وأنهم عارفون به محققون منه ما تدهش له الألباب.
(ويكون) مدخول الواو من قوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) [الرعد : ٣٣] معطوفا على الخبر على التقدير الثاني وقد صرح به الزمخشري في الكشاف فقال : ويجوز أن يقدر ما يقع خبرا للمبتدأ ويعطف عليه وجعلوا ، وتمثيله أفمن هو بهذه الصفة لم يوحدوه وجعلوا له ـ وهو الله الذي يستحق العبادة وحده ـ شركاء ، هذا كلامه وفيه إقامة الظاهر مقام المضمر الراجع إلى من دلالة على أنهم أثبتوا الشركاء للإله الحق ، الجامع لصفات الكمال المنزه عن النقائص ، ولهذا أتى بالاسم الجامع لمعاني الأسماء الحسنى كلها وهو الله ، وانظر لم لا يجوز أن تكون هذه الجملة معطوفة على الخبر المقدر في الأول ، وهو كمن ليس كذلك فإنه مقدر بجملة على رأي الأكثرين.
فإن قلت : لعلهم رأوا وجهه أن الهمزة للإنكار الإبطالي ، وهو غير متأت في العطف ؛ إذ إشراكهم ثابت لا يتطرق إلى وقوعه إبطال ، قلت : لا يتعين جعل الإنكار إبطاليا حتى يرتكب ؛ إذ يجوز أن يكون توبيخا بمعنى لا ينبغي أن يكون ، وذلك أن مضمون الأولى على هذا التقدير هو اعتقادهم أن القائم على كل نفس بما كسبت مماثل لمن ليس كذلك ، وهذا لا ينبغي أن يقع ، ومضمون الثانية إثباتهم لله سبحانه وتعالى شركاء ، وهذا أيضا مما لا ينبغي أن يكون ، وقد رأيت لبعض العصريين من أهل الشام أن العلة في امتناعهم من عطف هذه الجملة على الخبر المقدر بقولهم : كمن ليس كذلك ، هي أن ليس لنفي الحال وجعلوا للماضي ، فلا يحسن العطف عليه إلا لنكتة ، قلت وهو غلط إذ الجملة المصدرة بليس صلة لا خبر ، والعطف إنما هو على الخبر لا على الصلة.
(وقالوا التقدير في قوله تعالى) في سورة الزمر : (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ) [الزمر : ٢٤] وهو أعز أعضائه الذي كان يتقي المخاوف بغيره وقاية له ، فصار حيث ألقي في النار مغلولة يداه إلى عنقه يتقي بوجهه (سُوءَ الْعَذابِ) أي : شدته ((يَوْمَ الْقِيامَةِ ،) أي كمن ينعم في الجنة) وقدره الزمخشري بقوله : كمن أمن من العذاب ، والظاهر أن قوله كمن ينعم في الجنة خبر عن التقدير الذي هو بمعنى المقدر ، فلا معنى حينئذ لإدخال حرف التفسير على الخبر ، ويمكن أن يجعل