وقيل : إنّه خبر ، أي أنت تحبّها ؛ ومعنى «قلت بهرا» قلت أحبّها حبّا بهرني بهرا ، أي غلبني غلبة ؛ وقيل معناه عجبا. وقال المتنبي [من البسيط] :
٩ ـ أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا ، |
|
والبين جار على ضعفي وما عدلا |
وأحيا : فعل مضارع ، والأصل أأحيا ، فحذفت همزة الاستفهام ، والواو للحال ، والمعنى التعجّب من حياته ، يقول : كيف أحيا وأقلّ شيء قاسيته قد قتل غيري ؛
______________________________________________________
(وقيل : إنه خبر أي أنت تحبها) بكسر همزة إن على الحكاية ، وبفتحها على أن القول بمعنى الاعتقاد أو الجزم كما مر ، وتقدير المصنف لأنت ليس على أنه محتاج إليه بحسب الصناعة ، وإنما هو لتحقيق كون الكلام خبرا لا إنشاء (ومعنى قلت بهرا) بفتح الموحدة وإسكان الهاء وبراء مهملة ، (قلت أحبها حبا بهرني بهرا ، أي : غلبني غلبة) فهو مفعول مطلق حذف عامله جوازا ، والجملة صفة موصوف محذوف على ما قدره ، وقد يقال لا حاجة إلى هذا التقدير ؛ إذ يمكن أن تقدر بهرني حبها بهرا ، وهو محصل للمقصود من الإخبار بكونه يحبها ، وهو أولى تقليلا للمحذوف ما أمكن.
(وقيل معناه عجبا) وبهذا جزم في «الصحاح» وأنشد البيت شاهدا على ذلك.
(وقال) أبو الطيب (المتنبي :
أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا |
|
والبين جار على ضعفي وما عدلا (١) |
أحيا فعل مضارع والأصل أأحيا فحذف همزة الاستفهام) وهذا لم يذكره المصنف شاهدا ليستدل على مدعاه ، حتى يرد عليه أن المتنبي ليس مما يحتج بكلامه في اللغة العربية ، وإنما أورده مثالا.
(والواو) من قوله : وأيسر ما لاقيت ما قتلا (للحال ، والمعنى التعجب من حياته ، يقول : كيف أحيا وأقل شيء قاسيته قد قتل غيري) وجوز ابن الحاجب هذا الوجه الذي ذكره المصنف ، وأبدى وجها آخر لا همزة تقدر معه ، فقال : ويجوز أن يكون أحيا من باب أفعل التفضيل ، حذف المضاف إليه استغناء بما شرك بينه وبينه فيه ، كأنه قال : أحيا ما قاسيت وأيسر ما قاسيت ، فحذف المضاف إليه في الأول استغناء عنه بالثاني ، أو حذف من الثاني استغناء عنه بالأول ، ثم أخر ليعتمد الثاني من حيث اللفظ كما في قولهم نصف وربع درهم ، وأما أحيا باعتبار المعنى فيجوز أن يكون مأخوذا من حيي الشيء إذا كان فيه حياة ، كأنه قال : أظهر شيء فيه حياة مما
__________________
(١) البيت من البحر البسيط ، وهو للمتنبي ، انظر ديوانه ٣ / ٢٨٢ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ٢ / ٦٢٥.