و «هل» مختصّة بطلب التّصديق ، نحو : «هل قام زيد». وبقيّة الأدوات مختصّة بطلب التصوّر ،
______________________________________________________
نازع بعض المتأخرين في قول الجماعة : إن المسؤول عنه في نحو المثال الأول ـ وهو أزيد قائم أم عمرو ـ هو إدراك المسند إليه على التعيين لا النسبة ، فإنها معلومة فقال : تصور زيد أو عمرو بخصوصه حاصل للسائل عند السؤال ، فكيف يسأل عنه وإنما المجهول المطلوب عنده نسبة القيام إلى أحدهما على التعيين ، وهو غير التصديق الذي كان حاصلا عنده ، ذلك لأن التصديق بأن أحدهما لا بعينه قائم أمر حاصل عنده ، وليس مسؤولا عنه ، والمطلوب بالسؤال هو التصديق بأن أحدهما معينا كزيد بخصوصه قائم ، وهذان التصديقان يختلفان إلا أنه لما كان الاختلاف بينهما باعتبار تعيين المسند إليه في أحدهما وعدم تعينه في الآخر وكان أصل التصديق حاصلا توسعوا فحكموا بأن التصديق حاصل ، وأن المطلوب هو تصور المسند أو المسند إليه أو قيد من قيودهما. وهذا كلام حسن فتأمله.
(وهل تختص بطلب التصديق) بمعنى أنها لا تكون لغيره لكن عبارته لا توفي بذلك ، فقد صرحوا بأن المجرور بالباء هو المقصور دون المقصور عليه ألا ترى أن معنى قوله تعالى : (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) [البقرة : ١٠٥] يجعل رحمته مقصورة على من يشاء دون غيره لا العكس ، فكان المناسب أن يقول : وهل يختص بها طلب التصديق كما قال صاحب «التلخيص» ولاختصاص التصديق بها ، وصوبه شارحه الشيخ بهاء الدين السبكي ، وشدد النكير على ما خالف هذا الاستعمال ، وفي حاشية «الكشاف» للتفتازاني أن الباء قد تدخل على المقصور عليه كما قال الزمخشري في الحمد لله دلالة على اختصاص الحمد به ، والشائع العربي هو الأول هذا كلامه وعليه يتمشى ما وقع للمصنف هنا ، ثم يقال : دعوى اختصاص التصديق لهل ينتقض بقوله عليه الصلاة والسّلام : (هل تزوجت بكرا أم ثيبا) (١) إذ هي فيه للتصور وقد علمت ما فيه ، وفي شرح الكافية للرضي : وربما تجيء هل قبل المتصلة على الشذوذ يعني قبل أم المتصلة ، وقضية هذا مجيء هل لطلب التصور قليلا فإن كان سنده في ذلك الحديث فليس بقاطع لما تقدم.
(وبقية الأدوات مختصة بطلب التصور) أي : لا تستعمل لغيره وفيه ما مرّ ، وهو منتقض بأم المنقطعة فإنها من بقية أدوات الاستفهام وهي لطلب التصديق فقط ، قال الشيخ بهاء الدين السبكي في «شرح التلخيص» : ولا شك أنها ـ يعني أم ـ من أدوات الاستفهام ، وقد عدها السكاكي في «شرح المفتاح».
__________________
(١) تقدم تخريجه.