نحو : «من جاءك»؟ و «ما صنعت»؟ و «كم مالك»؟ و «أين بيتك»؟ و «متى سفرك؟.
الثالث : أنّها تدخل على الإثبات كما تقدّم ، وعلى النفي نحو : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ١) [الشرح : ١] ، (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ) [آل عمران : ١٦٥] ،
______________________________________________________
ووجهه أنها إن كانت متصلة فالاستفهام فيها واضح أو منقطعة فهي مقدرة قبل الهمزة ، لا يقال إن كانت متصلة فليست مستقلة بالاستفهام فإنها لا تستعمل إلا مع الهمزة ، وإن كانت منقطعة ففيها إضراب ؛ لأنا نقول : كون المتصلة لا تستعمل إلا مع الهمزة لا يخرجها عن الاستفهام ، ولا شك أن كل واحد مما قبلها وما بعدها مستفهم عنه ، وكون المنقطعة فيها إضراب ؛ لأن الاستفهام جزء معناها أو أحد معنييها ، وإنما نعني المنقطعة التي فيها استفهام دون الممحضة للإضراب ، وقد صرح النحاة بعدّ أم من حروف الاستفهام ، وذكره الشيخ أبو حيان وغيره ، إلى هنا كلامه.
قلت لكني أنا أستشكل عدّهم لأم من أدوات الاستفهام.
أما المتصلة فلأن مدخولها معطوف على مدخول الهمزة ، فثبت مشاركته لما قبله في كونه مستفهما عنه بقضية العطف ، ألا ترى أنك إذا قلت أزيد قائم أو عمرو ، وكان ما بعد أو مستفهما عنه كما كان مع أم المتصلة ، ولم يقل أحد بأن أو من حروف الاستفهام.
وأما المنقطعة فلا نسلم أن الاستفهام جزء معناها ولا أحد معنييها ، بل المفيد له الهمزة المقدرة ، ولكن هذا البحث لا يجدي المصنف نفعا في رفع النقض الوارد عليه هنا ، فإنه معترف بما قاله غيره من أن أم من أدوات الاستفهام كما يجيء قريبا إن شاء الله تعالى.
(نحو من جاءك وما صنعت وكم مالك وأين بيتك ومتى سفرك) فالاستفهام في ذلك كله لطالب التصور ، وهذا ظاهر ، فإن قيل : السائل بقوله : من جاءك قد حصل التصديق بأن أحدا جاء المخاطب ، وهذا التصديق مغاير للتصديق بأن زيدا مثلا جاء المخاطب ، فهو لسؤاله بطلب التصديق الثاني قطعا فتكون من لطلب التصديق دون التصور على قياس ما سبق في الهمزة مع أم المتصلة ، نحو : أزيد قائم أم عمرو فالجواب أن بينهما فرقا ، وذلك أن السائل بمن جاء لم يتصور خصوصية زيد أو عمرو بهذا السؤال ، فإذا أجبت بزيد مثلا أفاد زيادة في تصور المسند إليه بحسب خصوصية ، ويختلف بحسب التصديق أيضا بخلاف قوله : أزيد قائم أم عمرو ؛ إذ لا يختلف فيه الجواب تصورا بل مجرد التصديق.
(الثالث أنها) أي الهمزة (تدخل على الإثبات كما تقدم) في التمثيل بنحو أزيد قائم أم عمرو (وعلى النفي نحو (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) [الانشراح : ١] ، وهذا واضح ، ونحو (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) [آل عمران : ١٦٥] وقد أولع كثير