وقوله [من البسيط] :
١٠ ـ ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد |
|
إذا ألاقي الّذي لاقاه أمثالي؟ |
ذكره بعضهم ، وهو منتقض بـ «أم» ؛ فإنها تشاركها في ذلك ، تقول : «أقام زيد أم لم يقم»؟
______________________________________________________
ممن رأيناه بالاعتراض على المصنف هنا ، ويجعلون التمثيل بهذه الآية لدخول الهمزة على النفي من قبيل السهو ؛ لظهور أن لما في الآية وجودية.
والمعنى : أقلتم كذا حين أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها ، فإن قلت : الاستفهام هنا للإنكار فهو في معنى النفي فالهمزة داخلة على ما هو منفي معنى لا صورة ، فصح التمثيل من هذه الجهة قلت : كذا ذكر بعض العصريين من أهل الشام ، وليس بشيء لأن الإنكار في هذه الآية توبيخي لا إبطالي ، فما بعده ليس منفيا لا صورة ولا معنى ، بل هو متحقق الثبوت ، ولذلك يتعلق التوبيخ بوجوده ، وقد يقال : إن الواو للعطف ، والمعطوف عليه محذوف أي ألم تجزعوا وقلتم كذا حين أصابتكم تلك المصيبة ، فالهمزة داخلة على نفي مقدر كما أنها داخلة في (أَلَمْ نَشْرَحْ) على نفي مذكور ويكون هذا حسنا ؛ لأن فيه تمثيلا للنفي باعتبار حالته من الذكر والتقدير ، فإن قلت : المصنف لا يرى القول بمثل هذا في الهمزة الداخلة على حرف العطف ، بل يرى أن الهمزة مقدمة من تأخير لغرض التنبيه على أصالتها في تمام التصدير ، كما سيصرح به قريبا فإذا يكون المعطوف عليه مرّ من قوله تعالى في قصة أحد : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) [آل عمران : ١٥٢] وعلى هذا فلا نفي لا مذكورا ولا مقدورا والإشكال بحاله ، قلت : المصنف رحمهالله لم يذكر هذا الوجه في الوجوه التي قلت : الهمزة في ذلك للإنكار والإبطال وهو ظاهر بالنسبة (١) ؛ (و) نحو (قوله :
ألا صطبار لسلمى أم لها جلد) |
|
إذا ألاقي الذي لاقاه أمثالي (٢). |
وسيأتي الكلام على هذا البيت في أقسام ألا (ذكره) أي : هذا الحكم الثالث (بعضهم) ولم يرتضه المصنف ، بل قال : (وهو منقوض بأم فإنها تشاركها) أي تشارك الهمزة (في ذلك) الحكم وهو الدخول على الإثبات تارة وعلى النفي أخرى (تقول : أقام زيد أم لم يقم) بإدخال أم على النفي ، وتقول : أقام زيد أم قعد بإدخالها على الإثبات ، وفي هذا اعتراف من المصنف بأن أم من أدوات الاستفهام.
__________________
(١) هكذا العبارة في الأصل فليحرر.
(٢) البيت من البحر البسيط ، وهو لقيس بن الملوح في ديوانه ص ١٧٨ ، وجواهر الأدب ص ٢٤٥ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٢٤ ، وتخليص الشواهد ص ٤١٥ ، وخزانة الأدب ٤ / ٧٠.