بخصوصها ، وليس كذلك ، بل كما تقع بعدها تقع بعد «ما أبالي» ، و «ما أدري» ، و «ليت شعري» ، ونحوهنّ ، والضابط : أنّها الهمزة الدّاخلة على جملة يصحّ حلول المصدر محلّها ، (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) [المنافقون : ٦] ، ونحو : «ما أبالي أقمت أم قعدت». ألا ترى أنّه يصحّ : سواء عليهم الاستغفار وعدمه ،
______________________________________________________
بخصوصيتها) بضم الخاء المعجمة وبفتحها أيضا وتشديد الباء ، والحامل على هذا التوهم تخيل أن التسوية مأخوذة من كلمة سواء (وليس كذلك بل كما تقع بعدها تقع بعد ما أبالي) نحو ما أبالي أقمت أم قعدت ، فالذي يظهر لي أن الجملة الواقعة بعدها في محل نصب والفعل معلق قال الجوهري : وقولهم : لا أباليه أي لا أكترث به انتهى. فهو فعل معد بنفسه ويقرب من معنى الفعل القلبي ؛ لأن معنى لا أكترث به لا أفكر فيه ازدراء به فجاء التعليق من هذه الجهة ، (وما أدري) وتسليم المصنف لصحة وقوع همزة التسوية بعد ما أدري معارض لرده على ابن الشجري فيما يأتي عند الكلام على أم ، وذلك أن ابن الشجري ادعى أن الهمزة للتسوية في قول زهير :
وما أدري وسوف أخال أدري |
|
أقوم آل حصن أم نساء (١) |
فرده المصنف بأن هذا غلط نشأ من توهمه أن معنى الاستفهام فيه غير مقصود ألبتة لمنافاته لفعل الدراية ، وستقف عليه إن شاء الله تعالى.
(وليت شعري) نحو : ليت شعري أسافر زيد أم أقام ، (ونحوهن) نحو لا أفكر أقمت أم قعدت ، والظاهر أن الهمزة الواقعة بعد ما أدري وليت شعري ونحوهما للاستفهام لا للتسوية كما ستراه إن شاء الله تعالى ، وقد قال الرضي : وأما همزة التسوية وأم التي للتسوية فهما اللتان تليان قولهم سواء وقولهم ما أبالي ، وتصرفان نحو قولك : سواء علي قمت أم قعدت ، ولا أبالي أقام أم قعد ، فقصرهما على ما ذكر دون ما أدري وليت شعري ونحوهما (والضابط أنها الهمزة الداخلة على جملة يصح حلول المصدر محلها) وظاهر هذا يقتضي أن المصدر واقع موقع الجملة بدون الهمزة ، وليس كذلك بل هو قائم مقامهما جميعا (نحو : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) [المنافقون : ٦] ونحو ما أبالي أقمت أم قعدت ، ألا ترى أنه يصح : سواء عليهم الاستغفار وعدمه) فسواء خبر مقدم ، والجملتان في تقدير مفردين متعاطفين بالواو ، وأوّلهما مبتدأ والثاني معطوف عليه ، وادّعى الرضي أن سواء خبر لمحذوف أي الأمر أن سواء والجملتان بيان لذينك الأمرين ، وسيأتي في حرف السين كلام في ذلك.
__________________
(١) البيت من البحر الوافر ، وهو لزهير بن أبي سلمى ، انظر ديوانه ص ٧٣ ، والدرر ٢ / ٢٦١ ، وشرح شواهد المغني ص ١٣٠ ، وخزانة الأدب للحموي ١ / ٢٧٨.