وما أبالي بقيامك وعدمه.
[الثاني : الإنكار الإبطاليّ]
والثاني : الإنكار الإبطاليّ : وهذه تقتضي أنّ ما بعدها غير واقع ، وأن مدّعيه كاذب ، ونحو : (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً) [الإسراء : ٤٠] ،
______________________________________________________
(وما أبالي بقيامك وقعودك) وفي بعض النسخ وعدمه مكان وقعودك ، واستعمل المصنف أبالي متعديا بالباء ، وقد تقدم عن الجوهري ما يقتضي أنه متعد بنفسه وكذا في «القاموس» ولم يذكر تعديته بالباء فحرره ، قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات : وقولهم لا أبالي به قد استعملوه في هذه الكتب وغيرها وهو صحيح ، وقد أنكره بعض المحدثين من أهل زماننا ، وزعم أن الفقهاء يلحنون في هذا وأن الصواب لا أباليه ، وأنه لم يسمع من العرب إلا هكذا ، وغلط الزاعم بل أخبرنا بجهالته وقلة بضاعته ، يقال : لا أبالي به وهو صحيح مسموع عن العرب ، وقد روى الحافظ الخطيب أبو بكر البغدادي الإمام ، في أول كتابه «أدب الفقيه» بإسناده عن معاوية رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ومن لم يبال به لم يفقهه) (١) ورويناه هكذا في «حلية الأولياء» وثبت في «الصحيحين» عن أبي هريرة رضياللهعنه قال كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا يبالي بتأخير العشاء» (٢) ، هكذا في «الصحيحين» بالياء ، وثبت في «صحيح البخاري» عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم (ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال من حلال أم من حرام) (٣) ذكره في باب قوله تعالى : (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) [آل عمران : ١٣٠] في أول كتاب البيوع وثبت في «صحيح مسلم» و «أبي داود» في «كتاب الجنائز» منهما أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مر على امرأة تبكي على صبي لها فقال : «اتقي الله واصبري ، فقالت : وما تبالي بمصيبتي» (٤).
(الثاني) من المعاني الثمانية (الإنكار الإبطالي وهذه تقتضي أن ما بعدها غير واقع وأن مدعيه كاذب ، نحو (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً) [الإسراء : ٤٠]) وأورد السبكي في
__________________
(١) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد عن معاوية بن أبي سفيان ، وعزاه لأبي يعلى ١ / ١٨٣ ، وأبو نعيم في الحلية ٥ / ٢١٩.
(٢) أخرجه البخاري ، كتاب مواقيت الصلاة ، باب وقت الظهر عند الزوال (٥٤١) ، ومسلم ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب استحباب التكبير في الصبح ... (٦٤٧).
(٣) أخرجه البخاري ، كتاب البيوع ، باب قوله الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا) (٢٠٨٣).
(٤) أخرجه مسلم ، كتاب الجنائز ، باب في الصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى (٩٢٦) ، وأبو داود ، كتاب الجنائز ، باب الصبر عند الصدمة (٣١٢٤).