والأولى أن تحمل الآية على الإنكار التوبيخيّ أو الإبطاليّ ، أي ألم تعلم أيها المنكر للنسخ.
والخامس : التّهكّم ، نحو : (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) [هود : ٨٧].
والسادس : الأمر ، نحو (أَأَسْلَمْتُمْ) [آل عمران : ٢٠] أي : أسلموا.
والسابع : التعجّيب ، نحو : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) [الفرقان : ٤٥].
______________________________________________________
ذلك الحكم وعليه قوله تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) [المائدة : ١١٦] فإن الهمزة فيه للتقرير أي : بما يعرفه عيسى من هذا الحكم لا بأنه قال ذلك ، وقد مر تجويز جعلها للاستفهام الحقيقي على ذلك الوجه ، وأنت خبير بأن هذا كله مبني على أنه لا يجب إيلاء المقرر به للهمزة ، وهو خلاف ما صرح به المصنف ولم يحك فيه خلافا وقضية هذا أنه لا يوافق على هذا الاعتذار الذي اعتذر به عن الزمخشري ، لكنه قد وافق على صحته في الجملة بدليل قوله : (والأولى أن تحمل الآية على الإنكار التوبيخي ، أو الإبطالي أي : ألم تعلم أيها المنكر للنسخ) وجه ذلك أن المنكر للنسخ قد يكون معاندا ، وقد يكون غير معاند.
فإن كان الخطاب للكافر المنكر لا على سبيل العناد حمل الاستفهام على الإنكار التوبيخي ، فإن عدم علمه واقع والتوبيخ عليه متوجه.
وإن كان الخطاب للكافر المنكر على وجه العناد والمكابرة حمل الاستفهام على الإنكار الإبطالي ، ضرورة أن علمه واقع بحسب الادعاء ، ولكنه كاذب فيما تضمنه كفره من قوله : إن الله تعالى ليس كذلك.
(والخامس : التهكم) أي الاستهزاء (نحو (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) [هود : ٨٧]) وذلك أن شعيبا عليه الصلاة والسّلام كان كثير الصلاة ، وكان قومه إذا رأوه يصلي تضاحكوا ، فقصدوا بقولهم : أصلواتك تأمرك الهزأة والسخرية ، لا حقيقة الاستفهام تأمل.
(والسادس : الأمر نحو) (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ) [آل عمران : ٢٠](أَأَسْلَمْتُمْ) أي : أسلموا لظهور أنه ليس المراد أمره بأن يستفهم حقيقة هل أسلموا أولا ، وإنما المراد أمره إياهم بالإسلام.
(والسابع : التعجيب) على زنة التكريم ، وفي بعض النسخ التعجب على زنة التكرم (نحو (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) [الفرقان : ٤٥]) وقد يقال : التعجب من رؤية كيفية مد الظل ، لا من عدم الرؤية ، وسيأتي جوابه قريبا.