وقد تقترن بـ «لا» النافية فيظنّ من لا معرفة له أنها «إلّا» الاستثنائيّة ، نحو : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) [التوبة : ٤٠] ، (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ) [التوبة : ٣٩] ، (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) [هود : ٤٧] ، (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَ) [يوسف : ٣٣] ؛ وقد بلغني أنّ بعض من يدّعي الفضل سئل في : (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) [الأنفال : ٧٣] فقال : ما هذا الاستثناء؟ متّصل أم منقطع؟
الثاني : أن تكون نافية ، وتدخل على الجملة الاسميّة ، نحو : (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) [الملك : ٢٠] ، (إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) [المجادلة : ٢] ، ومن ذلك : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) [النساء : ١٥٨] أي : وما أحد من أهل
______________________________________________________
قلت : هذا إذا لم يكن العرف اقتضى التكرير ، وقد علم من عرف الشارع أن هذه الشروط في التعليم والترغيب والترتيب كلها وإن كانت مطلقة المعنى فيها قصد تكرير المشروط عند تكررها ؛ لأن المقصود التعليم مستمرا والترغيب مستمرا والترتيب مستمرا ، والعرف في مثله قصد التكرير ، ومن ثم قال ابن مالك رحمهالله تعالى ما معناه : إن المشروط لا يتكرر بتكرر الشرط ، إلا أن يكون العرف في مثله قصد التكرير كقول القائل : إن تركت صلاة الوتر فعلي كذا ، فإنه يتكرر عليه بتكرر الشرط ، حتى كأنه قال : كلما أترك أديت ذلك لا يقصد فيه المرة الواحدة ، وإنما المراد المحافظة على ذلك مستمرا ولا يستقيم ذلك إلا بتكرر المشروط عند تكرر الشرط ، إلى هنا كلامه.
قلت : والحاصل أنه أخرج الفعل الواقع شرطا في مثل ذلك عن دلالته على الزمن الخاص الذي وضع له ، واستعمل في مطلق الزمان مجازا للقرينة من باب استعمال المقيد في المطلق ، فصدق على الماضي كما صدق على المستقبل (وقد تقترن) إن الشرطية (بلا النافية فيظن من لا معرفة له أنها إلا الاستثنائية) من جهة أنه يجب قلب نون إن لاما وإدغامها في لام النافي الذي بعدها ، فيصير مجموعهما في اللفظ كإلا الاستثنائية (نحو : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) [التوبة : ٤٠] (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً) [التوبة : ٣٩] (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) [هود : ٤٧] (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَ) [يوسف : ٣٣] وقد بلغني أن بعض من يدعي الفضل) وهو كاذب في دعواه (سأل في إلا تفعلوا فقال : ما هذا الاستثناء متصل) هو (أم منقطع) قلت : وكان ينبغي أن يجاب بأن الاستثناء الذي تخيلته متصل بالجهل ، ومنقطع من الفضل.
الوجه (الثاني) من وجوه إن الأربعة (أن تكون نافية وتدخل على الجملة الاسمية نحو (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) [الملك : ٢٠]) ونحو ((إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) [المجادلة : ٢] ومن ذلك) قوله تعالى : ((وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) [النساء : ١٥٩] (أي : وما أحد من أهل