الأعمدة يسميها الناس هنا الروضة ، وأعمدة الروضة مغلفة إلى منتصف ارتفاعها ببلاطات خضراء لامعة ، مزينة بنقوش الأرابيسك مختلفة الألوان ، هذه البلاطات تبدو كأنها من الفخار أو الخزف المجلوب من البندقية ، وهى من النوع نفسه المستخدم فى تغطية الأفران فى كل من ألمانيا وسويسرا.
سقف بهو الأعمدة مكون من عدد من القباب الصغيرة ، المطلية من الخارج باللون الأبيض ؛ شأنها فى ذلك شأن الأعمدة التى فى المسجد المكى. الجدران الداخلية مدهونة أيضا باللون الأبيض ، اللهم باستثناء الجدار الجنوبى وجزء من الركن الجنوبى الشرقى ، التى هى مغلفة ببلاطات من الرخام إلى قممها تقريبا. توجد صفوف عدة من النقوش ، على شكل أحرف كبيرة ، منقوشة بطول الجدار ، بحيث تكون نقشا فوق الآخر ، وبذلك يكون لها تأثير كبير على الرخام الأبيض. الأرضية التى تقف عليها أبهاء الأعمدة من الناحيتين الغربية والشرقية وجزء من الناحية الشمالية ممهدة أو مرصوفة بمواد خشنة ، لكن القسم الآخر من الجانب الشمالى غير ممهد ، ومغطى بالرمل فقط ، وهذا هو أيضا شأن الفناء أو الحوش الواسع كله. فى الناحية الجنوبية ، حيث يسرف بنّاء المسجد فى الزينات ، نجد أن الأرضية مرصوفة بالرخام فيما بين أبهاء الأعمدة ، يضاف إلى ذلك أن المناطق القريبة من قبر محمد صلىاللهعليهوسلم مرصوفة بفسيفساء جميلة متقنة الصنعة ، مكونة بذلك واحدة من أبهى العينات أو الأنواع التى من هذا القبيل فى الشرق كله. والمسجد له نوافذ كبيرة وعالية ، لها براويز من الزجاج (التى لم أر لها مثيلا فى الحجاز كله) ، هذه النوافذ تسمح بمرور الضوء من خلال الجدار الجنوبى ، زجاج بعض هذه النوافذ ملون. على الأجناب الأخرى ، توجد بعض النوافذ الصغيرة الأخرى التى تنتشر على طول الجدران الأخرى ، لكنها ليست لها براويز زجاجية. (*)
بالقرب من الركن الجنوبى الشرقى ، يوجد القبر الشهير ، منفصلا عن سائر جدران المسجد ، بحيث يترك بينه وبين الجدار الجنوبى مسافة تقدر بحوالى خمسة وعشرين قدما ، ومسافة خمسة عشر قدما بين القبر والجدار الشرقى. والمسور الذى
__________________
(*) يبدو أن فن تلوين الزجاج بألوان ثابتة لم يغب عن الشرق مطلقا.