يحمى القبر من مبالغة الزائرين فى الاقتراب منه ، يتخذ شكل المربع غير المنتظم طوله حوالى عشرين خطوة ، فى وسط بهو الأعمدة ، ويدخل عدد كبير من أعمدة البهو ضمن هذا المسوّر ؛ والمسور عبارة عن سور من الحديد ، مدهون باللون الأخضر ، يصل ارتفاعه إلى ثلثى ارتفاع الأعمدة المحيطة به ، وهذا السور يملأ الفراغات التى بين هذه الأعمدة ، حتى يمكن ترك الجزء العلوى من هذه الأعمدة بارزا فوق ذلك المسور ، ومكشوف تماما. والقضبان الحديدية جيدة الصنعة وهى مجدولة مع بعضها بنقوش برونزية صفراء ، يحسبها الجاهل ذهبا ، وهى ضيقة الجدل على نحو لا يمكّن من رؤية الأجزاء الداخلية ، اللهم من خلال نوافذ صغيرة متعددة ، مساحة الواحدة منها ست بوصات مربعة ، مركبة فى الجوانب الأربعة للسور الحديدى ، على ارتفاع يقدر بحوالى خمسة أقدام تقريبا عن سطح الأرض. على الجانب الجنوبى من السور الحديدى ، حيث توجد اثنتان من هذه النوافذ ، يقف الزوار أمامهما وهم يدعون الله ، والقضبان الحديدية هنا مطلية بقشرة خفيفة من الفضة ، ومنقوش عليها «لا إله إلا الله ، الحق المبين». هذه العبارة منقوشة بحروف من الفضة على المسور الحديدى من حول النوافذ. هذا المسور يدخله الناس من أربع بوابات ، ثلاث منها مقفولة بصورة دائمة ، وبوابة واحدة هى المفتوحة فقط ، صباحا ومساء للسماح بدخول الطواشية الذين يقومون بتنظيف الأرض وإضاءة المصابيح. كل بوابة من تلك البوابات لها اسمها الخاص ؛ فهذا باب النبى ، وهذا باب الرحمة ، وذلك باب التوبة ، وهذا أيضا باب ستنا فاطمة. والتصريح بدخول هذا المسوّر ، الذى يطلقون عليه اسم الحجرة ، لا يعطى إلا لكبار الشخصيات : من أمثال الباشوات ، أو رؤساء قوافل الحج ، ويكون بالمجان ، لكن بوسع الناس الآخرين شراء هذا التصريح أو الحصول عليه من الطواشية نظير مبلغ من المال ، يتردد بين اثنى عشر دولارا وخمسة عشر دولارا ، يجرى توزيعها على سبيل الهدية بين الطواشية ، لكن قلة قليلة من الحجاج هم الذين يستطيعون الحصول على مثل هذا الأذن أو التصريح ، والسبب فى ذلك أن الناس يعرفون أنهم لن يروا أكثر من ذلك الذى رأوه وهم ينظرون من بين قضبان النوافذ ، التى تظل مفتوحة طول الوقت ، وأنا نفسى لم أود لفت الانتباه إلا لمجرد إشباع فضولى وتطلعى. والذى يظهر من الداخل عبارة عن ستارة دائرية بينها وبين السور الحديدى ممشى أو ممر مكشوف