كما يحصل هؤلاء الطواشية على نصيب أيضا من الهبات والتبرعات التى تقدم للمسجد ، كما يتلقون هبات وعطايا من الحجاج الأثرياء ، هذا بالإضافة إلى ما يحصل عليه هؤلاء الطواشية من أتعاب من الزوار الذين يزورون الحجرة. هؤلاء الطواشية يعيشون سويا فى واحد من أفخم أحياء المدينة (المنورة) ، ويقع فى الناحية الشرقية من المسجد ، ويقال إن منازلهم مؤثثة تأثيثا فاخرا أفخم بكثير من أثاث بقية سكان المدينة (المنورة). والكبار من هؤلاء الطواشية يتزوجون من إماء سوداوات أو حبشيات.
الطواشية السود ، تراهم ضعفاء على العكس من طواشية أوروبا ، وملامحهم توحى بالخشونة الشديدة ، ولا تميز فيهم سوى العظام البارزة ، وأيدى هؤلاء الطواشية ، تشبه أيدى الهياكل العظيمة ، ومظهرهم العام مثير للاشمئزاز الشديد. وهم يخفون ضعفهم باستعمال الملابس السميكة ، ومع ذلك تتبدى للرائى ملامحهم وسماتهم العظيمة بشكل واضح ، وعلى نحو يتمكن معه من ينظر إليهم يعرفهم منذ الوهلة الأولى. صوت هؤلاء الطواشية لا يعتريه التغيير ، لكنه لا يمكن أن يصل إلى حد الشبه بصوت الأنثى ، وهذا الصوت ينال إعجاب الكثيرين من المغنين الإيطاليين.
كبير الطواشية يطلقون عليه اسم شيخ الحرم ، وهو أيضا شيخ الجامع ، كما أنه يعد أيضا الشخصية الرئيسية فى المدينة (المنورة) ؛ إذ إن مرتبته أعلى من مرتبة الأغا ، أو شيخ الطواشية فى مكة (المكرمة). رئيس أو شيخ الطواشية هذا ، يوفد من قبل إسطنبول ، وعادة ما يكون عضوا فى بلاد السنيور الكبير الذى يوفده إلى المدينة (المنورة) على سبيل العقاب أو النفى ، متبعا فى ذلك الأسلوب الذى يجرى اتباعه مع الباشوات عند ما يرسلون إلى جدة. شيخ الحرم الحالى ، كان يشغل منصب الكسلار أجاسى ، أو مسئول نساء الإمبراطور سليم ، وتلك واحدة من الاتهامات الأولى الموجهة للبلاط. وأنا لا أستطيع القطع إن كانت شهرة وظيفته السابقة ، والتى يحتفظ بها أعيان الطرق طوال الحياة ، حتى عند ما يجرى تجريدهم منها ، أم شهرة شيخ الحرم هى التى أكسبت هذا الرجل أهميته ، لكن الرجل كان دوما