يجرى تقديمه على طوسون باشا ، الذى كان يحمل رتبة باشا جدة ، وبثلاثة شرائط ، يزاد على ذلك ، أن طوسون باشا كان يقبل يد الشيخ عند ما يلتقيه ، ولقد رأيته بعينى وهو يفعل ذلك فى المسجد. يزاد على ذلك أن شيخ الحرم هذا له بلاط يجرى تكوينه بالطريقة التى يجرى بها تكوين بلاط (حاشية) الباشا ، لكنها أقل عددا من حاشية الباشا. وقد أورد دهسون فى كتابه وصفا دقيقا لملابس شيخ الحرم ؛ ملبس هذا الرجل مكون من بليس (*) جميل وفاخر ، من فوق ثوب حريرى مطرز ، وخنجر مرصع بالماس ، معلق فى وسطه ، وقبعة عالية على رأسه. كان لدى شيخ الحرم الحالى حوالى عشرة خيول ، وشيخ الحرم عند ما يخرج ، يمشى أمامه بعض خدم المسجد ، أو إن شئت فقل : بعض فراشى المسجد ، المسلحين بهراوات غليظة.
كان الوهابيون يحترمون شخص شيخ الحرم ؛ عند ما استولى سعود على المدينة (المنورة) ، سمح له ولعدد كبير من الطواشية ، بالانسحاب إلى ينبع ، ومعه زوجاته ، وأمتعته كلها ، وأشياءه الثمينة ، لكنه رفض استقبال شيخ آخر للحرم ، وهنا قام الطواشية باختيار واحد من بينهم ليكون رئيسا عليهم ، إلى أن تم بعد ثمانى سنوات ، إرسال شيخ الحرم الحالى عن طريق إسطنبول ، لكن نفوذ شيخ الحرم الحالى على شئون المدينة (المنورة) قلّ إلى حد بعيد ، وتحول الرجل إلى مجرد ظل لما كان عليه.
أى واحد من طواشية المسجد النبوى يستاء ويتضايق إذا ما وصفه أحد بهذه الصفة ، واللقب المعتاد الذى يطلق على أى واحد من الطواشية هو «أغا» ، وكبير هؤلاء الأغاوات يحمل لقب «سعادتكم» ، شأنه شأن أى باشا من الباشاوات ، أو شريف مكة.
إلى جانب هؤلاء الطواشية ، يضم المسجد بين خدمه عددا من سكان المدينة ؛ هذا النوع من الخدم يسمون فراشين ، وهذا الاسم يعنى أن مهمة هؤلاء الخدم ، هى المحافظة على نظافة المسجد ، وفرش البسط والسجاجيد. البعض منهم يحضرون إلى
__________________
(*) البليس : معطف أو سترة طويلة مبطنة أو مزركشة الأطراف بالفراء. (المترجم)