المسجد النبوى لإشعال المصابيح ، وتنظيف أرضية المسجد ، وذلك بالتعاون مع الطواشية ، بعض هؤلاء الأغاوات ليسوا سوى وظائف عاطلة ، يضاف إلى ذلك أن بعضا من أهل المدينة (المنورة) ينتمون إلى هذه الفئة. وأنا ليس لدىّ علم بطريقة الحصول على هذه الوظيفة ، لكنى أعتقد أنها تشترى من شيخ الحرم. واسم كل فراش من الفراشين يدرج ضمن القائمة التى ترسل كل عام إلى إسطنبول ، والجميع يشاركون فى الهبات والعطايا التى تتلقاها المدينة (المنورة) من العاصمة من ناحية ، ومن الإمبراطورية التركية كلها ، من ناحية أخرى ، والتى يخصص جزء كبير منها للفراشين. قد يبدو أن وظيفة الفراش من الوظائف الوراثية ، أو أنها تنتقل من الأب إلى الابن. ويقدر عدد الفراشين بحوالى خمسمائة فراش ، لكن دهسون يقول إن زيادة عدد الفراشين جاء بناء على التذرع بذريعة تقسيم كل فئة إلى حصة النصف ، ثم إلى الثلث ، ثم إلى الثمن ، وما يتبقى بعد ذلك يعطى لمن يصبح عضوا جديدا بين هؤلاء الفراشين ؛ هذا اللقب (فراش) حصل عليه كثير من الحجاج الأجانب ، الذين ينتشرون فى سائر أنحاء الإمبراطورية ، والذين يرون أن حملهم لذلك اللقب يعد من باب التكريم.
كثير من هؤلاء الفراشين يعملون أيضا أدلاء ، كما يمارسون أيضا مهنة الدعاء للغائب وهى مهنة مربحة جدا. الحجاج الذين يجيئون إلى المدينة (المنورة) يتعرفون على بعض هؤلاء الفراشين ، ليكونوا مرشدين لهم فى الأماكن المقدسة. وعند ما يعود هؤلاء الحجاج إلى أوطانهم ، تتكون لديهم قاعدة دينية ، يرسلون بمقتضاها مبلغا من المال كل عام إلى هؤلاء الفراشين ، الذين يقومون بالدعاء لهم ، أمام شباك الحجرة وهذه المبالغ النقدية ، التى يجرى لفها فى أوراق صغيرة مختومة بالشمع ، وعليها عنوان المرسل إليه ، يجرى جمعها فى كل مقاطعة من مقاطعات الأناضول ، أو إن شئت فقل تركيا الأوروبية ، ليجرى إرسالها من الأناضول إلى المدينة (المنورة) بواسطة كاتب صرّة إسطنبول ، الذى يرافق قافلة الحج ، ويرأس إدارتها المالية. بعض هؤلاء الفراشين يحتكرون مدنا ومقاطعات بكاملها ، ويجرى تقديم مواطنى هذه البلدان