فقد تصرفوا ـ على حد ما بلغنا ـ على نحو غير لائق ، وقد سقط على واحد من هؤلاء العمال ، حجر أدى إلى قتله ، عند ما حاول تدنيس قبر النبى صلىاللهعليهوسلم ؛ هذا الحجر سقط على ذلك الرجل من السقف. وجرى وضع أعمدة من الحجر فى المسجد ، وجرى تزيين أو طلاء الجزء العلوى من تلك الأعمدة بالذهب ، كما جرى أيضا تجليد الجدران بالرخام المزين بأشكال مختلفة ، كما جرى أيضا طلاء جزء من تلك الجدران بالذهب ، وبذلك يكون المسجد قد تم تجديده تماما».
«فى عام ١٦٠ ه ، قام الخليفة المهدى بتوسعة أخرى ؛ إذ أصبح طول صحن المسجد حوالى مائتين وأربعين رمحا ، وبقى المسجد على حاله هذا طوال قرون عدة».
«الحاكم بأمر الله ، ملك مصر الذى لم يكن سوىّ العقل أوفد واحدا من مبعوثيه لتدمير الحجر الأسود فى الكعبة كما قام أيضا بمحاولة فاشلة ، لأخذ قبر محمد صلىاللهعليهوسلم من مسجد المدينة المنورة ، ونقله إلى القاهرة. فى عام ٥٥٧ ه ، وفى عهد الملك العادل نور الدين ، ملك مصر ، تنكر مسيحيان ، واكتشف أمرهما فى المدينة المنورة ؛ هذان المسيحيان حفرا ممرا تحت سطح الأرض ، من منزل من المنازل المجاورة إلى الحجرة فى المسجد النبوى ، وسرقا منها أشياء غالية القيمة ، وعند ما جرى تعذيب هذين المسيحيين ، اعترفا بأنهما أرسلا من قبل ملك إسبانيا للقيام بهذه السرقة ، ودفع الرجلان حياتهما ثمنا لفعلتهما. قام السلطان نور الدين بعد ذلك بعمل خندق حول الحجرة ، وملأ ذلك الخندق بالرصاص منعا لأية محاولات تكون من هذا القبيل».
«فى عام ٦٥٤ ه ، وقبل أشهر قليلة من ثورة بركان بالقرب من المدينة المنورة ، اندلع حريق فى المسجد ، الذى احترق تماما ، ولم يبق منه سوى أرض المسجد ، ولكن المصاحف الموضوعة فى الحجرة لم تصب بسوء. وقد عزا الناس ذلك الحادث إلى الشيعة الفارسيين من بنى الحسين ، الذين كانوا رعاة وسدنة لقبر محمد صلىاللهعليهوسلم. وفى العام التالى أعيد بناء المسجد على نفقة كل من الخليفة المعتصم بالله ، ابن المنتصر بالله ، وإمام اليمن ، المظفّر شمس الدين يوسف ، واكتمل إنشاء المسجد على نفقة الظاهر بيبرس ، سلطان مصر فى عام ٦٥٧ ه. جرى بناء القبة فوق