«وسع عمر بن الخطاب المسجد النبوى بجدران من اللبن وسعف النخيل ، واستخدم أعمدة من اللبن بدلا من جذوع النخل ، وبنى أول ما بنى جدارا حول الحجرة ، أو إن شئت فقل : المكان الذى دفن فيه جثمان محمد صلىاللهعليهوسلم عند وفاته ، والذى كان مسورا فى بداية الأمر بجريد النخل ، وجرى توسيع الميدان الذى تحيط به الجدران ، بأن أصبح طول ذلك الميدان مائة وأربعين رمحا وعرضه حوالى مائة وعشرين رمحا ، وكان ذلك فى عام ١٧ ه».
«(سيدنا) عثمان هو الذى بنى جدران الحجر المجوف ؛ هذا يعنى أن (سيدنا) عثمان حدد فى عام ٢٩ ه الأعمدة اللبنية ، وقوى الأعمدة الجديدة بدعامات من الحديد ، وهو أيضا الذى صنع سقف المسجد النبوى من الخشب الهندى الثمين الذى يسمونه الساج. وجرى توسيع صحن المسجد ؛ إذ أصبح طول الصحن مائة وستين رمحا وعرضه مائة وخمسين رمحا ، وجرى فتح ست بوابات فى صحن المسجد».
«فى العام ٩١ الهجرى ، قام الوليد بن عبد الملك الذى يرجع الفضل إليه فى دمشق فى بناء المسجد الجميل المسمى المسجد الأموى ، قام بتوسعة مسجد النبى صلىاللهعليهوسلم. فى ذلك الحين ، كانت المنازل التى كانت مساكن لزوجات محمد صلىاللهعليهوسلم وبناته وقريباته تقع بالقرب من الحجرة ، خارج حدود المسجد ، التى يوجد فيها بوابات خاصة لتلك المنازل. على الرغم من المعارضة الكبيرة التى واجهت الوليد بن عبد الملك ، فقد أجبر هؤلاء النساء على ترك منازلهن ، مقابل أسعار مرضية وعادلة ، ثم قام وليد بهدم تلك المنازل ، وتوسعة جدار المسجد النبوى فى تلك المنطقة. قام الإمبراطور الإغريقى ، الذى كان مسالما للوليد بن عبد الملك ، فى ذلك الوقت ، بإرسال بعض العمال من القسطنطينية إلى المدينة ، هؤلاء العمال ساعدوا فى إنشاء المبنى الجديد لذلك المسجد (*) ؛ ونظرا لأن الكثيرين من هؤلاء العمال كانوا من المسيحيين ،
__________________
(*) يقول المقريزى فى حديثه عن الملوك الذين أدوا فريضة الحج : إن الإمبراطور اليونانى (الذى لم يذكر اسمه) أرسل إلى الوليد مائة عامل وهدية قيمتها حوالى مائة ألف مثقال من الذهب ، مع أربعين حملا من الأحجار المقطّعة ، لاستعمالها فى عمل المنمنمات.