التى تأتى من المؤسسات العامة ، إنما يجرى إنفاقها على الفقراء ، أو فى أغراض البر والتقوى المخصصة لها ؛ هذه المبالغ تستخدم فى إشباع رغبات جماعة من المنافقين العاطلين ، الذين ليس لهم فى اكتساب شىء من المعرفة السطحية ، سوى التطلع إلى المشاركة فى المكاسب غير الشرعية التى تئول إلى رعاة أو سدنة تلك المؤسسات.
المسجد النبوى ، شأنه شأن البنايات العامة ، فى سائر أنحاء الشرق يصعب الوصول إليه نظرا لوجود المساكن الخاصة على جميع الأجناب ، والهدف من ذلك هو ترك شارع واحد مفتوح ، فى بعض هذه الأجزاء ، وبين جدران المسجد ، فى حين نجد المنازل مبنية فى بعض الأماكن الأخرى ، فى مواجهة جدران المسجد ، بل وتخفيها أيضا. هناك ثلاث مآذن أو خمس (لا أدرى بالضبط) مقامة على أجناب المبنى المختلفة ، ويقال إن واحدة من تلك المآذن الخمس ، تقع أو مبنية فى المكان نفسه الذى كان يقف عليه بلال الحبشى مؤذن الرسول صلىاللهعليهوسلم.
وأنا أورد فيما يلى نقلا عن السمهودى مؤرخ المدينة (المنورة) ، تاريخا موجزا للمسجد النبوى :
«بنى محمد صلىاللهعليهوسلم مسجد المدينة المنورة بنفسه ، ولذلك يسمى مسجده ، أو إن شئت فقل : مسجد النبى. عند ما وصل النبى صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة المنورة ، التى كانت فى ذلك الوقت بلدا مفتوحة من بلاد العرب ويسمونها يثرب (ومن ثم المدينة) ، بعد فراره من مكة ، وبعد أن تأكد من وجوده بين الأصدقاء ، أقام مسجدا صغيرا ، فى المكان الذى بركت فيه ناقته صلىاللهعليهوسلم فى البلدة ، بعد أن اشترى الأرض من أصحابها ، وسوّر ذلك المكان بسور من اللبن ، وسقفه بجريد النخل ، واستخدم جذوع النخيل لتكون بمثابة الأعمدة الحاملة لذلك السقف ، هذا المبنى ، سارع محمد صلىاللهعليهوسلم إلى توسعته بعد أن وضع أساسه الحجرى. وبدلا من المحراب الذى يبنى فى المساجد لتحديد الاتجاه الذى يتعين على المؤمنين أن يولوا وجوههم شطره عند أداء الصلاة ، قام سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم بوضع حجر كبير ، جرى فى البداية وضعه فى الناحية الشمالية ، أى فى اتجاه القدس ، ثم جرى بعد ذلك وضعه فى اتجاه كعبة مكة ، فى العام الثانى للهجرة ، وذلك عند ما تغيرت القبلة القديمة».