المكرمة ؛ فقد تخلى سعود عن دخل مكة ، نظرا لأنها كانت فى أيدى شريف مكة ، إضافة إلى أن أهل مكة جرى إعفاؤهم من الزكاة ، التى كان الرعايا الوهابيون الآخرون يدفعونها لرئيسهم ، الذى تخلى عن هذا الحق لصالح الشريف غالب. هذا النظام القائم على التراضى والمراضاة لم يجر اتباعه فى المدينة المنورة ، وهنا بدأ أهل المدينة الذين لم يسبق لهم أن عرفوا معنى الضريبة أو الرسوم ، اللهم باستثناء بعض المبالغ التافهة ، بدءوا يحسون بالقهر الشديد ، وبدأ حسان القلعى ، مع جباة ضرائب سعود يفرضون الضرائب على الناس بكل شدة وصرامة.
توقفت قوافل الحج فى تلك المرحلة ، ولم يصل لأداء الحج عن طريق ينبع سوى عدد قليل من الحجاج ، وبعد ذلك مباشرة حرّم أو منع سعود مرور قوافل الحجاج الأتراك إلى المدينة المنورة ، وجرى بناء على ذلك منع وصول الصرّة. فى ظل هذه الظروف بدأ أهل المدينة يستشعرون الضغوط الشديدة فى ذلك الزمن ، وغضبوا من الوهابيين وازدادوا حنقا عليهم ، ويمكن الوقوف على المزيد من تفاصيل هذا الموضوع فى حملة محمد على باشا.
عند ما جهز محمد على باشا لأول مرة حملة على الوهابيين ، جرى وضع حامية كبيرة فى المدينة المنورة ، وكانت تلك الحامية مكونة من البدو المولعين بالحرب ، وبخاصة بدو نجد وبدو المناطق الجنوبية ، بقيادة المضيّان ، الذى عينه سعود شيخا لقبيلة حرب. كشف حسّان القلعى عن تحمس كبير للقضية أو المصلحة العامة ، وبعد إنزال الهزيمة بطوسون باشا لأول مرة ، تأكد حماس حسان القلعى من جديد ، فى موقفه الذى وقفه فى المدينة المنورة ، لكن عند ما عاد طوسون فى المرة الثانية ومعه قوات كبيرة ، سارع حسان القلعى ، فى ضوء توقعه لانتصار طوسون ، إلى التفاوض معه بطريقة سرية ، وحصل منه على وعد باستمراره فى منصبه ، شريطة أن يسهل للعثمانيين مسألة الاستيلاء على المدينة المنورة. وعند ما وصل العثمانيون إلى أبواب المدينة المنورة ، انضم حسان القلعى إليهم ، واستقبله أحمد بونابرت ، القائد التركى ، بحفاوة وتكريم كبيرين ، وجرى بعد ذلك مباشرة الهجوم على المدينة ، أما القلعة فقد