جرى الاستيلاء عليها عن طريق الاستسلام ، لكن بعد أن تم قمع الجماعة الوهابية تماما فى هذه المناطق ، جرى القبض على كل من المضيان ، الذى سبق أن وعد بأن يظل مطلق السراح ، وحسّان القلعى ، وجرى إرسالهما عن طريق القاهرة إلى إسطنبول ، ليلقيا المصير ، الذى يستحقه حسان القلعى ، على الرغم من أن جرائمه لا يمكن أن تسوغ له خيانة أولئك الذين ألقوا القبض عليه.
عقب الأحداث السابقة مباشرة ، عاد أغا الحرم ، وهو من رجال السلطان سليم ، إلى المدينة المنورة واسترد سلطته ، لكن القيادة الحقيقية أصبحت بيد المحافظ التركى. وفى أواخر عام ١٨١٤ م ، وصل طوسون باشا إلى المدينة المنورة بصفته محافظا لها ، وذلك من باب التمهيد لحملته التى أزمع شنها على نجد ، لم يكن حكم طوسون سيئا ، لأنه كان صاحب نوايا طيبة ، علاوة على حب السكان له لكرمه وتدينه ، لكن إجراءات طوسون كانت تتسم بالحمق والغباء ؛ فقد أخاف طوسون البدو ، وتسبب فى هربهم عند ما استولى على إبلهم ، وبذلك يكون قد تسبب فى قطع الإمدادات والتموينات عن المدينة ، وتسبب فى خلق عجز فى سائر أنواع المؤن ، والضروريات الأخرى ، وسرعان ما بدأ جنود طوسون يرتكبون الأخطاء والمخالفات ، التى أهمل أو تغاضى عن القضاء عليها عن طريق إنزال العقوبات بمن يرتكبونها. بعد رحيل طوسون باشا ، وصل والده محمد على باشا إلى المدينة المنورة فى شهر إبريل من عام ١٨١٥ م ، وبحكم عدالته المبنية على الخبرة والتجربة ، سارع على الفور باتخاذ الإجراءات المناسبة لإصلاح الأخطاء التى ارتكبها ولده.
وهنا تظل المدينة المنورة تحت حكم قائد تركى ، وقد شغل هذا المنصب طوال أشهر قلائل ذلك الاسكتلندى توماس كيث ، أو إن شئت فقل : إبراهيم أغا ، الذى سبقت الإشارة إليه باعتباره مسئول الخزانة مع طوسون باشا. أغا الحرم لديه حوالى ستين جنديا أو ثمانين ، وهم عبارة عن خليط من الأتراك ، والعرب ، والمغربين ، ومن أهل المدينة المنورة ؛ هذا يعنى أن الشئون الدينية وكل الأمور المتعلقة بالمسجد النبوى كانت كلها فى يدى ذلك الأغا. يجىء القاضى فى المرتبة الثانية بعد أغا الحرم ،