من قطع تواصلهم واتصالهم ببقية الناس فى المدينة المصابة ، لأن ذلك يكون شبيها بالفرار من الطاعون ؛ ومع ذلك فإن الدين الإسلامى يحبذ إجراءات الحجر الصحى ويوصى بها ، وذلك من باب منع استيراد المرض ، أو نقله إلى الغرباء والأجانب عند وصولهم إلى المدينة. الإيمان بالقضاء والقدر متأصل وراسخ فى عقول دول الشرق كلها ، «وأن من يموتون بسبب الطاعون هم شهداء». هذا الرأى الشائع عام بين المسلمين ، وهم يعتقدون أن ملك الموت الخفى ، المسلح برمح ، يلمس الضحايا الذين سيصابون بالطاعون ، ومن هنا يعتقد الناس أن الشيطان اتخذ لنفسه موقعا فى ذلك المكان ، لكى يجرح أولئك الذين يمرون عليه ، من هنا نجد العرب يسلكون طريقا دائريا ، تحاشيا لعدوهم ، على الرغم من أنهم كانوا على قناعة من سرعة خطوه وقدرته على اللحاق بهم أينما ذهبوا.
مسألة هروب المسيحيين والفرنجة من المرض عن طريق حبس أنفسهم فى منازلهم لا تعدو أن تكون مجرد دليل عكسى طفيف ، والتأخير فى اتباع هذه الإجراءات غالبا ما يتسبب فى إحداث معدل وفيات طفيف بين أهل ينبع ، والحالات التى من هذا القبيل يجرى الاستشهاد بها فيما بعد فى التدليل على حماقة محاولة الاعتراض على العناية الإلهية ، زد على ذلك ، أن بعض المسيحيين الشرقيين الذين يأخذون بالمعايير التركية ، ويتأثرون بمفاهيم القضاء والقدر ، يعتقدون أيضا أن مسألة اتخاذهم للإجراءات الوقائية الخاصة بسلامتهم أمر تافه وسطحى. يتهاون الأتراك فى كثير من واجباتهم الدينية ، إلى الحد الذى قد لا يجعل من الصعب عليهم تبنى بعض الأفكار العقلانية ، ومع ذلك لا يمكن لأحد من هؤلاء الأتراك اتخاذ أية إجراءات خاصة ، نظرا لاقتناع الجميع بحماقة مثل هذه الإجراءات والتصرفات وعدم فعاليتها. لو لم يكن ذلك هو واقع الحال منذ زمن طويل لتمكن الأتراك من اكتشاف الوسائل التى تمكنهم من الوقاية من المرض ، وذلك على الرغم من تدينهم الشكلى ؛ وهذا هو ما يفعله العرب حاليا فى الحجاز ، ولأمكن لعلمائهم التوصل إلى الفتاوى والنصوص الشرعية المساندة لذلك الذى أمكنهم التوصل إليه بفضل حسهم الطيب. هناك حديث شريف يقول ما معناه :