والأضرار بكل أنواعها ، أصدر الرجل أوامره فى العامين الميلاديين ١٨١٣ و ١٨١٤ بإنشاء حجر صحى فى مدينة الإسكندرية ، لكن الطريقة والأسلوب المخزى الذى نفذ به ذلك الحجر ، أثبت إثباتا قاطعا أن الرجل لم تكن لديه الرغبة الحقيقية فى تأمين مواطنيه من مخاوف العدوى ، بل وصل الأمر إلى حد التخلى عن هذا الموضوع تخليا تاما. أودت بى تحرياتى ، هى وآراء كثير من الأتراك الذين يحكمون على ما تتخذه حكومتهم من إجراءات حكما أكثر صوابا ودقة ، مما ضاعف من قناعتى بأن الباشا الكبير هو وباشاواته ، يصبرون على الطاعون فى ممتلكاتهم لأن تعدد الوفيات وكثرتها يملأ أكياس نقودهم بالأموال ، وفيما يتعلق بمصر ، أرى أن هذا السبب كان حقيقيا وبلا منازع ، بل إنه كان السبب الرئيسى.
معروف أن المدن التجارية التى من قبيل القاهرة ، والإسكندرية ، ودمياط تعج بالتجار الأجانب ، والأغراب الذين يفدون على هذه المدن من كل أصقاع الشرق ليقيموا فيها ، والقانون ينص ، على أن ممتلكات الأفراد الذين لا يكون لهم ورثة مباشرون يطالبون بتلك الممتلكات ، يجب أن تئول إلى بيت المال ؛ تلك الخزانة ، التى كانت تخدم من قبل أغراضا وأهدافا مفيدة للشعب والرعايا ، لكنها أصبحت الآن تحت إمرة الحكام والمحافظين وحدهم ؛ هذا يعنى أن ازدياد معدل الوفيات يتسبب فى وضع مبالغ كبيرة بين أيدى هؤلاء الحكام والمحافظين ، وهذا يعنى أن كل وال من ولاة الأحياء فى أية بلدة من البلدان يتحتم عليه ، فى ظل أشد العقوبات ، إبلاغ الحكومة عن أى غريب أو أى فرد يكون بلا ورثة ، وتوافيه المنية فى حى أى وال من هؤلاء الولاة ؛ أموال مثل هؤلاء المتوفين لا يتم الاستيلاء عليها بهذه الطريقة وحسب ، وإنما يجرى الاستيلاء أيضا على ممتلكات أولئك الأشخاص الذين يكون لهم ورثة ، ولكنهم متغيبون فى بعض البلدان الأجنبية ، والذين ليست لهم امتيازات أخرى ، غير التقدم بالشكوى التى لا طائل من ورائها إلى الحاكم أو المحافظ نفسه ، الذى يحول دخل بيت المال إلى مصلحته الخاصة. أبشع أنواع الظلم ترتكب بحق ممتلكات المتوفين ، وفى فترات انتشار الطاعون ، ففى هذه المناسبات يشارك كل من القاضى ومن معه من فريق العلماء ، وكبار الموظفين ، بل حتى صغار الموظفين ، الكل يشاركون فى هذا السلب والنهب غير