تكلفة ذلك السور. بعد استسلام الشريف غالب شخصيا لقوة سعود الكبرى والأقوى ، ظلت ينبع صامدة ومتماسكة بضعة أشهر. بعد أن جهز سعود جيشا قويا للهجوم على ينبع ، وبعد هروب الوزير (المحافظ) ، قام أهل ينبع بإرسال رسالة إلى سعود ، واستسلموا له واعتنقوا مذهبه الدينى. لم يضع الوهابيون حامية فى المدينة ، وظل الشريف غالب محتفظا بنفوذه فى المدينة ، لكن جابى الضرائب الوهابى اتخذ لنفسه مقرا فى مدينة ينبع ، وهنا أحس السكان ، الذين لم يتعودوا من قبل الخضوع لأى نوع من الضغوط أو الضرائب ، باستثناء الرسوم الجمركية ، بعنف الضغوط التى بدأت حكومة الوهابيين تمارسها عليهم.
فى خريف عام ١٨١١ م ، وعند ما نزل الجيش التركى بقيادة طوسون باشا لأول مرة على أرض مدينة ينبع ، أعرب أهلها عن رغبتهم الأكيدة فى التخلص من نير حكم الشريف غالب والحكم الوهابى ، وهنا هرب ضباط الشريف غالب ومعهم الضباط الوهابيون الذين كانوا فى مدينة ينبع فى ذلك الوقت ، وبعد استعراض سطحى للمقاومة طوال اليومين الأولين ، من قبل القائد المعين من قبل الشريف غالب ، الذى لم يكن معه سوى عدد قليل جدا من الجنود ، والذى اكتشف وتأكد أيضا من عدم رغبة السكان فى خوض القتال ، بعد كل ذلك فتحت مدينة ينبع أبوابها ، ولاقت بعض المصاعب من الجنود الأتراك الهمجيين. واعتبارا من ذلك التاريخ أصبحت هناك حامية تركية فى المدينة ، وهكذا تحولت ينبع إلى ميرة (*) ، أو بالأحرى مستودعات لتزويد الجيش بالطعام ؛ والمقصود بالجيش هنا هو القوات التركية التى كانت تحارب العدو فى المنطقة المجاورة لمدينة ينبع. ونظرا لأن الجنود ، لم يكونوا على مقربة من الباشا أو ولده فقد راحوا يتصرفون على نحو فوضوى غير ملتزم ، لم يكونوا ليفعلوه لو أنهم كانوا تحت أعين وبصر الباشا أو ولده ، مثلما كان الحال فى جدة أو مكة. فقد راح كل بمباشى ، أو بالأحرى كل قائد سرية ، من السرايا التى نزلت إلى أرض ينبع ،
__________________
(*) الميرة : نظام أو مكان لتزويد الجيش بالطعام. (المترجم)