منى (*) عبارة عن واد ضيق ، يمتد على شكل خط مستقيم من الغرب إلى الشرق ، مسافة ألف وخمسمائة خطوة من حيث الطول ، ويتباين عرضه من مكان لمكان وتحيط به من الجانبين صخور جرانيتية جرداء منحدرة على امتداد منتصف الوادى ، على الجانبين ، يوجد صف من البنايات ، القسم الأكبر منه عبارة عن خرائب ، هذه البنايات من ممتلكات المكيين أو البدو ، أقصد بدو قريش ، وهذه البنايات يجرى تأجيرها بواسطة المكيين أو البدو ، أو قد يشغلونها طوال أيام الحج الثلاثة ، ثم تترك خالية بقية العام ، وهى الفترة التى لا يسكن أحد خلالها فى منى مطلقا. بعض هذه البنايات عبارة عن بنايات من الحجر ومكونة من طابقين ، لكن المرمم من تلك البنايات لا يزيد على عشر بنايات بأى حال من الأحوال. فى أقصى الطرف الشرقى من الوادى ، يوجد منزل جيد ، مملوك للشريف الحاكم فى مكة ، ويقيم الرجل فيه طوال أيام الحج الثلاثة. هذا المنزل كان مشغولا فى ذلك الحين بواسطة زوجات محمد على ؛ فقد عاد الشريف يحيى إلى مكة فور تحلله من ملابس الإحرام ، وكثير من الحجاج يحذون حذو الشريف يحيى ، إذ يعودون إلى مكة على الفور عقب التحلل من ملابس الإحرام ، لكن مهمة هؤلاء الحجاج تتمثل فى العودة إلى منى عند ظهر اليوم الحادى عشر أو الثانى عشر من شهر ذى الحجة ، لكى يرموا الجمار ، لأن إهمال هذا المنسك يجعل الحج ناقصا وغير مكتمل. والحجاج يمضون بقية هذين اليومين فى أى مكان يروق لهم. وفى مساء يوم الأضحية يعود الحجاج التجار إلى مكة لكى يفكوا ويعرضوا البضاعة التى جلبوها معهم.
فى البرحة الواسعة التى بين منزل الشريف يحيى ومساكن المكيين يقع المسجد الذى يطلقون عليه اسم مسجد الخيف ، هذا المسجد عبارة عن بناية جيدة من الحجر ، وميدان هذا المسجد الفسيح مربع الشكل يحيط به سور عال متين. فى منتصف هذا الميدان توجد عين عامة عليها قبة ، وفى الجانب الغربى حيث يوجد المحراب ،
__________________
(*) يقال إن الاسم منى مأخوذ عن آدم عليهالسلام الذى قال أثناء مقامه فى الوادى ، عند ما طلب الله إليه أن يسأله الفضل فرد قائلا : «أتمنى الجنة». وبالتالى أخذ هذا المكان اسمه من تلك العبارة. بعض آخر من الناس يقولون : إن الاسم مشتق ، أو مأخوذ من الدم الذى يراق فى يوم الأضحية.