الذين يحلقون هنا ربع الرأس فقط ، ويبقون على الأرباع الثلاثة المتبقية إلى ما بعد زيارة الكعبة والعودة من مكة. ويخلعون ملابس الإحرام ويرتدون ملابسهم المعتادة ، ومن استطاع يلبس ثيابا جديدة ، نظرا لأن ذلك يكون يوم عيد. وبذلك تكون فريضة الحج قد اكتملت ، ويهنئ الحجاج بعضهم بعضا ، ويرجون من الله قبول ذلك الحج قائلين : «تقبل الله!» ، كنت أسمع هذه العبارة تتردد فى كل مكان ، وكان الجميع يبدو عليهم الرضا والقناعة ، لكن ذلك لم يكن حالى ؛ نظرا لأن الجهود التى بذلتها فى البحث عن إبلى باءت كلها بالفشل ؛ بسبب الجماهير الحاشدة التى كانت تملأ الوادى ، يضاف إلى ذلك أن الحجاج الأخرين كانوا قد ارتدوا ملابسهم المعتادة فى حين رحت أنا أتجول بحثا عن إبلى مرتديا ملابس الإحرام ، ومن حسن الطالع ، أن كيس نقودى ، الذى كنت أعلقه فى عنقى ، طبقا لأعراف الحج (معروف أن ملابس الإحرام ليس بها جيوب) ، مكننى من شراء خروف للأضحية ، ودفع أجر الحلاق. لم أعثر على رفاقى وإبلى إلا بعد غروب الشمس ، عند ما وجدتهم مخيمين على الجبل الشمالى ، وكانوا ينتظروننى بقلق بالغ فى ذلك المكان.
يبقى الحجاج مدة يومين فى منى. وعند ظهر أو منتصف نهار اليوم الحادى عشر من ذى الحجة ، يجرى رمى سبع حصوات صغار على كل نصب من النصب الثلاثة التى ظهر الشيطان فيها ، ويفعل الحجاج الشىء نفسه فى اليوم الثانى عشر من ذى الحجة ، وبذلك يصبح إجمالى عدد الحصوات التى تلقى فى الأيام الثلاثة إلى ثلاث وستين حصوة بواقع إحدى وعشرين حصوة عن اليوم الواحد ، موزعة بواقع سبع حصوات لكل جمرة من الجمرات الثلاث. كثير من الحجاج يجهلون المغزى الحقيقى للشرع فى هذا الصدد ، شأنهم فى ذلك شأن جهلهم بكثير من طقوس الحج الأخرى ، قد يبكرون برمى الجمار التى يتعين رميها عند وقت الزوال ، أو قد يرمون عددا أقل من العدد المنصوص عليه. بعد الرمى الأخير الذى يصادف اليوم الثانى عشر من ذى الحجة يعود الحجاج إلى مكة فى فترة العصر.