الرملية ، التى كانت تنمو عليها أشجار قليلة العدد ، ونظرا لأننا لم نأخذ قسطا من الراحة خلال اليومين الأخيرين ، فقد غلبنى النوم وأنا فوق جملى ، وهنا يمكننى القول ، إنه بعد ركوب استمر اثنتى عشرة ساعة ، فى أرض عامرة بالتلال والرمال ، نزلنا عن دوابنا فى مستورة ، التى هى واحدة من محطات الحج. فى مستورة وجدت بئرين كبيرتين وعميقتين ، ومبطنتين بالحجر ، وتعطيان كمية غزيرة من المياه الصالحة الطيبة بالقرب من هاتين البئرين شاهدت قبرا لولى من الأولياء يدعى الشيخ مادلى ، الذى قام الوهابيون بتدمير قبره. وعلى بعد حوالى عشرة أميال شرقى هذا القبر يوجد جبل عال ، يطلقون عليه جبل أيوب ، الذى تعلو قمته سلسلة الجبال الأخرى التى هو جزء منها ؛ وجبل أيوب هذا مغطى فى بعض أجزائه بالأشجار. هذا الجبل تسكنه قبيلة عوف. الطريق بكامله من قلّيه إلى هذا المكان خطر بسبب حوادث السرقة التى يقترفها هؤلاء البدو ، يضاف إلى ذلك أن أية قافلة من القوافل لا تمر بهذا المكان دون أن تخسر بعض أحمالها أو شيئا من إبلها. فى زمن الوهابيين كان ذلك الطريق آمنا تماما ؛ إذ كان شيوخ قبيلة حرب مسئولين عن أحداث السرقة التى تقع فى أراضيهم. مع ذلك لم يستطع الوهابيون كسر شوكة قبيلة عوف فى الجبال التى كانوا يعيشون فيها ، والدليل على استقلال هؤلاء العوف يتجلى فى الشعر الطويل ، وذلك على العكس من المفهوم الوهابى الذى أرسى حكما مفاده حلق شعر الرأس.
وجدنا عند بئرى مستورة ، عدة قطعان من الإبل والأغنام التى كان الرعاة والراعيات العوفيات يسقينها من هاتين البئرين. اشتريت من هؤلاء الرعاة والراعيات حملا صغيرا نظير بضعة قروش قليلة وشىء من التبغ ، وقسمت ذلك الحمل على مرشدينا وعلى أولئك الذين كانوا يرافقوننا سيرا على الأقدام. جاء المرافقون لنا من أهل الملايو يسألون عن نصيبهم ، وليفهمونى أن البدو الذين كانوا معنا ، كفونى مؤونة الرد عليهم ، عند ما قاموا بزجرهم وتأنيبهم. شاهدت قبورا عدة بالقرب من البئرين ، وعرفت أن الوهابيين احترموا هذه القبور ؛ والسبب فى ذلك أنهم لم يعتدوا على القبور الخالية من الزينة والبهرج.