اليوم الحادى والعشرون من شهر يناير. بدأنا مسيرنا عند الساعة الثالثة مساء. كان السهل الذى عبرناه إما من الصوان وإما فيه بعض المواقع الصلصالية الصالحة للزراعة ، وكانت وجهتنا صوب الشمال. بعد أن مضينا عبر السهل الرملى ، الذى تغطيه أشجار الأراك ، وأمضينا فى ذلك العبور حوالى ساعتين ونصف الساعة ، أصبح جبل أيوب يبعد عنا مسافة تقدر بحوالى ستة أميال ، ومن بعده تبدأ سلسلة من الجبال المنخفضة ، التى تمتد موازية للطريق. عندئذ تركنا طريق الحج الكبير ، الذى يبدأ عند هذه المنطقة ، فى الاتجاه الغربى ، لنواصل مسيرنا بعد ذلك فى اتجاه الجبال شمال ١٥ شرق لنصل بعد ذلك إلى صفراء سالكين إليها طريقا قريبا. وبعد مسير استمر ثلاث عشرة ساعة ، خلال أرض غير مستوية وعامرة بالتلال المنخفضة ، توقفنا قبيل طلوع النهار فى سهل رملى بالقرب من البئر التى يسمونها بير الشيخ ، ولعلنا لاحظنا ، أن مسيراتنا الليلية كانت طويلة جدا ، لكن معدل سير الإبل كان بطيئا جدا ؛ إذ كانت سرعة الإبل لا تزيد على ميلين فى الساعة الواحدة أو كل ساعتين وربع الساعة. بير الشيخ هذه عبارة عن بئر يصل عمقها إلى ما يتردد بين ثلاثين قدما وأربعين قدما ، وقطرها حوالى خمسة عشر قدما ومبطنة بالحجر الصلب ؛ هذه البئر من عمل هؤلاء الرجال الذين أحسوا بالقلق على راحة المسافرين إلى الأراضى المقدسة ، وذلك على العكس من الرؤساء الحاليين ، والحاج عند ما يكون متعجلا يسلك هذا الطريق فى بعض الأحيان ، لكن جرت العادة أن يسافر الحاج عن طريق بدر ، ذلك المكان الذى تتوالى عليه القافلتان المصرية والسورية ، وهما فى طريقهما إلى مكة ، بفارق يوم واحد أو يومين على أكثر تقدير ، والمعروف أن موعدى قيام هاتين القافلتين محدد. كنا فى هذه المرحلة قد اقتربنا من سلسلة الجبال الكبيرة ، التى كانت عن يميننا منذ أن تركنا خوليس ؛ سلسلة من هذه الجبال تقع على بعد أميال قليلة شمال بير الشيخ ، وتمتد ناحية الغرب فى اتجاه البحر ، وعند نهاية هذه السلسلة تقع بلدة بدر. التقينا بعض البدو عند بير الشيخ أيضا ؛ هؤلاء البدو كانوا من قبيلة بنى سالم ، أو بالأحرى السوالمة. واشترى مرشدونا منهم خروفا شووه فى مجبة ؛ والمجبة عبارة