وذكر ابن محفوظ : أن فى هذه السنة ، لم يحج الشريفان رميثة وعطيفة ، واصطلحا فى سنة سبع وثلاثين ، وأقاما مدة ، ثم توجها إلى ناحية اليمن بالواديين ، وترك عطيفة ولده مباركا ، وترك رميثة ابنه مغامسا بالجديد ، وحصل بين مبارك ومغامس وحشة وقتال ، ظفر فيه مبارك.
وذكر أن فى هذه السنة ، استدعى صاحب مصر ، الشريفين عطيفة ورميثة ، فذهبا إلى مصر ، فلزم عطيفة وأعطى رميثة البلاد ، وجاء إلى مكة ، ولم يزل عطيفة بمصر ، إلى أن توفى بها فى سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بالقبيبات ظاهر القاهرة ، ودفن بها. وكان موصوفا بشجاعة مفرطة ، وكان أكثر حرمة من أخيه رميثة.
وقد بلغنى عن الشريف أبى سويد بن أبى دعيج بن أبى نمىّ الحسنى المكى الآتى ذكره ، أنه قال : كان رميثة مع عطيفة ، كمبارك بن رميثة مع عجلان انتهى بالمعنى.
ولم يكن لمبارك بن رميثة قدرة على مخالفة أخيه عجلان فيما يتعلق بأمر دولته ، وكان عجلان له مكرما وقائما بمصالحه ، وكان عطيفة يسكن برباط أم الخليفة الناصر لدين الله العباسى ، بالجانب الشامى من المسجد الحرام ، ولذلك قيل لهذا الرباط العطيفية ، لكثرة سكنى عطيفة به ، ووجد عطيفة فى سقفه خبيئة فضة فى الجانب الذى يلى المسجد الحرام ، والذى أرشده إلى ذلك نجار كان بمكة ، ولما ذكر ذلك النجار لعطيفة ، قال : أريد أن تخلى لى الموضع ، وأن تحضر لى سلما طويلا فأحضر له سلّم الحرم ، وأخرج كل من كان عنده ، حتى لم يبق معهما غيرهما.
وكان عطيفة يعين النجار على حمل السّلّم ، ونصبه حيث يختار النجار. وكان النجار يفتح بالقدوم عن بعض المواضع ، التى يتخيل أن بها الفضة مخبوءة ، وكانت الفضة دراهم مضروبة ، يقال لها القازانية. وكان الذى وجدوه من ذلك كثيرا ، ولم يكن عند النجار الذى أخرج هذه الفضة خبر بها ، وإنما نظر إلى السقف ، فظهر له بذكائه أنه مشغول.
ولشيخنا بالإجازة ، الأديب يحيى النّشو الشاعر المكى ، فى عطيفة مدائح كثيرة ، منها من قصيدة فيما أنبأنا به ، قوله [من الكامل] :
ها قد ملكت لمهجتى وحشاشتى |
|
فانظر بأيّهما علىّ تصدّق |
يا ممرضى ببعاده وصدوده |
|
أنا عبد ودّك بالمحبة موثق |
بالله ما خطر السلوّ بخاطرى |
|
أبدا ولا قلبى بغيرك يعلق |
يا لائمى دع عنك لومى فى الهوى |
|
ما أنت من روحى بروحى أرفق |